مات بن لادن.. هل زال خطر الإرهاب؟
العملية الامريكية نصر انتخابي لـ (اوباما) وخسارة محدودة لتنظيم القاعدة .
لم يدم الترحيب الدولي بمقتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن لاكثر من ساعات قليلة, بعدها انشغل العالم كله بالتدابير الامنية لمواجهة ردود الفعل الانتقامية لاتباعه على مقتل زعيمهم.
الرئيس الامريكي باراك اوباما بدا حذراً وواقعياً وهو يعلن للشعب الامريكي عن مقتل بن لادن, اذ دعا شعبه الى اليقظة وخاطبهم بالقول: "ليس هناك شك ان تنظيم القاعدة سيواصل هجماته ضد الولايات المتحدة".
منذ عشر سنوات تلاحق امريكا وإلى جانبها اكثر من ثلاثين دولة "بن لادن", وتمكنت اخيراً بعد جهد استخباري مضنٍ من الوصول اليه في مكان بدا مستغرباً للكثيرين وجود اخطر مطلوب على مستوى العالم فيه.
لكن ما الذي يعنيه مقتل بن لادن بالنسبة لامريكا وما هي حدود النصر في عملية الكوماندوز الامريكية? وما حجم الخسارة التي سيخلفها غياب "الزعيم والملهم" على تنظيم القاعدة واتباعه.
في نظر المحللين والمختصين بالجماعات المتشددة لا يتعدى مقتل بن لادن مجرد نصر للديمقراطيين وباراك اوباما شخصياً وهم على ابواب معركة الرئاسة الثانية, ولا شك ان مقتله على يد قوة امريكية سيشفي غليل الاغلبية الساحقة من الشعب الامريكي الذي يعتبر بن لادن "شيطاناً" زرع الموت والرعب في قلوب الامريكيين.
لكن هذا "الانجاز" بالتعريف الامريكي حدث بعد عشر سنوات من المواجهة, إذ نجح بن لادن خلالها في زرع بذور افكاره في جميع دول العالم تقريباً حيث استلهمت مئات المجموعات والخلايا فكره ونهجه وبنت "قواعد" مستقلة تضرب متى شاءت وفي اي مكان تختاره, ولهذا نشأ في مواجهة "القاعدة" تحالف دولي عريض لمكافحة الارهاب. ولا يبدو ان هذا التحالف سينتهي بموت بن لادن, لا بل انه يجد نفسه اليوم في مواجهة ظهروف استثنائية تستدعي اليقظة الدائمة للتعامل مع العمليات الانتقامية لاتباع "الزعيم" على المديين القريب والمتوسط وقد شهدت باكستان حيث مسرح عملية القتل امس أولى الهجمات الانتحارية التي استهدفت مركزاً للشرطة هناك.
وقتل بن لادن جاء في لحظة عربية واسلامية غير مواتية لامريكا وللقاعدة ذاتها حيث يتركز الاهتمام على الثورات الشعبية كبديل عن نهج العنف الذي تبنته "القاعدة" اسلوباً للتغيير, مما افقد الحركة بريقها بعدما اجتذبت دعوات "الجهاد" من قبل الاف الشبان العرب المحبطين واليائسين.
وبمقتل بن لادن تكون "القاعدة" قد خسرت مؤسسها وزعيمها, لكن موته في مواجهة الامريكان سيجعل منه رمزاً في نظر اتباعه ومصدراً للالهام في حربهم التي لا تنتهي مع العالم وامريكا.
وفي ضوء انحسار من "القاعدة" في الشارع العربي بعد ثبوت فعالية النهج الشعبي في التغيير, سيحاول اتباع "القاعدة" الانتقام لمقتل بن لادن بتنفيذ عمليات ارهابية ضد المصالح الغربية والامريكية على وجه التحديد.
اما الجدل في الرأي العام العربي حول "القاعدة" و"بن لادن" فسيستمر في حالة الانقسام بين من يرى فيه ارهابياً جلب المصائب للعالم العربي والاسلامي ومن يعتبره بطلاً وشهيداً بعد مقتله.
وفي كلتا الحالتين موت بن لادن لن يطوي صفحة "القاعدة".
العرب اليوم