لم يتغير شيء

لم يتغير شيء
الرابط المختصر

خلال الأشهر الماضية ومنذ رحيل حكومة سمير الرفاعي الثانية على وقع المطالبات الشعبية برحيلها لم نشهد تغيرا ملموسا، ولم يستشعر المجتمع تغيرا جذريا في المشهد المحلي، بل على العكس تماما أخذت الأمور منحى أكثر تعقيدا وبتنا نشهد حراكا شعبيا يائسا وغير راض عن كل ما يجري حوله من تطورات على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية.

لجنة الحوار خرجت بتوصيات تشبع الحد الأدنى من تطلعات الإصلاح وتؤسس لبناء مدماك في سور الإصلاح الذي يحمي البلد ويمضي بها إلى مستقبل آمن ومضمون.

المسألة الأخرى التي ينتظرها المجتمع ترتبط بلجنة التعديلات الدستورية وبمجرد أن تنهي عملها ستكون هناك استحقاقات تنتظر التنفيذ لتكون واقعا مطبقا. بيد أن تطبيق ما ستخلص إليه اللجنتان، يتطلب توفر الإرادة من أجل المضي في ملف الإصلاح بشكل متكامل ومن دون تجزئة، فالإصلاح ليس إلا قرارا، وخطوات قوية ثابتة وليس تلكؤا ومماطلة.

ما يدور في الكواليس أن النية تتجه لدورة استثنائية ثانية لإقرار قانون الانتخاب الذي خرجت به لجنة الحوار الوطني، وهذا يعني مضي عدة أشهر قبل أن يصبح قانون الانتخاب الجديد واقعا. ويعني أيضا أن إجراء انتخابات جديدة تفرز مجلسا جديدا أمر سيستغرق وقتا قد يطول حتى مطلع العام المقبل، وهذه المعطيات تؤكد أن حالة الانتظار الشعبية ستطول حتى نرى واقعا مختلفا يؤسس لمرحلة جديدة من الحياة العامة ويترجم مخرجات لجنة الحوار بشكل يسهم بامتصاص حالة القنوط الشعبي.

ما يزال الناس يعتقدون أن العدالة غائبة وأن معايير الحساب والعقاب متفاوتة بحسب الموقع الاجتماعي والوظيفي، وفق أسس تعتمد مزاجية المسؤول بالدرجة الأولى وثقل الشخص الخاضع للحساب. وأكثر من ذلك أن المشهد المحلي شهد أخطاء حكومية، فاقمت في ترسخ القناعة بعدم قدرة هذه الحكومة على القيام بالمهام الموكولة إليها، وأهم الأحداث تلك المتعلقة بسفر المدان بقضية مصفاة البترول خالد شاهين، وتغليف القصة برواية حكومية ركيكة وغير مقنعة سواء لناحية الخروج أو احتمالية العودة.

وحتى اللحظة ما تزال عقلية المسؤولين هي ذاتها لم تتغير رغم تفتح الربيع العربي، فهم حتى الآن يعتقدون أنهم نعمة أرسلها لنا رب العالمين لخلاصنا مما نحن فيه، على اعتبار أن المجتمع قاصر وغير قادر على تقييم الحالة ومتابعة شؤونه وقضاياه.

وأية حكومة ستأتي وستشكل وفق المعايير القديمة لن تقدر أيضا على تحمل وزر ما هو قائم حاليا، وبغير ذلك فان تغيير الحكومة اليوم، وتشكيل حكومة جديدة بذات المعايير لن ينال الرضا الشعبي، وستظل الشكوى مستمرة، وسط ظروف اقتصادية صعبة تغذي عدم الرضا عن الحكومات.

تغيير مزاج الشارع وامتصاص احتقانه بحاجة إلى دفع قوي يقف في وجه قوى الشد العكسي التي تسعى لتعطيل عجلة الإصلاح، من خلال دعم مخرجات لجنة الحوار الوطني، ووضع برنامج إصلاح اقتصادي وطني يدرك التحديات ويتصدى لها.

حتى اللحظة لم يتغير شيء، وتجاوز الربيع العربي بسلام يحتاج إلى صوت عقل يدعم مسيرة الإصلاح ولا يضع العراقيل في طريقها.

الغد

أضف تعليقك