لماذا يتجاهل الأردن الاقتصاد الأخضر؟

لماذا يتجاهل الأردن الاقتصاد الأخضر؟
الرابط المختصر

بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الأردن والحاجة الملحة للبحث عن كافة البدائل والخيارات الاقتصادية والتنموية التي تساهم في الخروج من الازمة نحو مستقبل اقتصادي مستدام، تجاهلت الحكومات الأردنية كافة واحدا من أهم القطاعات الاقتصادية التي شهدت نموا كبيرا في العالم خلال السنوات الماضية وهو الاقتصاد الأخضر أو الاقتصاد القائم على الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية والاستثمار في قطاعات الاقتصاد البيئي.

التوجه العالمي نحو الاقتصاد الأخضر حركته الأزمة المالية العالمية التي أكدت ضرورة الإستثمار في اقتصاد مستدام لإدارة الموارد، وقامت عدة دول في أوروبا إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية بضخ موارد مالية هائلة في قطاعات الاقتصاد الأخضر كما أن بعض هذه الدول حاولت تحريك مصادر مالية دولية. سوق الاقتصاد الأخضر اصبح منتشرا في العديد من دول العالم وايضا في منطقة الخليج العربي وخاصة في الإمارات وقطر حيث التوجه اصبح جذريا وجوهريا في التحول نحو أنماط التنمية المستدامة.

قد يكون الأردن سوقا صغيرا في الحجم ولكنه يمتلك الموارد البشرية الكافية التي يمكن لها مع بعض التعليم والتدريب المنهجي أن تقدم خدمات كبيرة للمنطقة في قطاعات الاقتصاد الأخضر. من المهم أن يتجه بعض من أذكى الطلبة في الأردن إلى دراسة الطاقة والمياه والبيئة وإعادة التدوير والهندسة الرفيقة بالبيئة وإدارة الموارد الطبيعية وهذا يتطلب أن تكون هذه التخصصات بقدر جاذبية الطب والهندسة مثلا من الناحية الاجتماعية وتقدم فرصا مهنية متميزة ورواتب مجزية في اقتصاد وطني وإقليمي قادر على خلق الوظائف المطلوبة

كان الأردن في العام 2010 أول دولة في المنطقة (كالعادة) تقوم باستكشاف آفاق الاقتصاد الأخضر من خلال دراسة بدعم من منظمة الأمم المتحدة للبيئة حاولت تقدير كمية الاستثمارات والوظائف التي يمكن خلقها في هذا النوع من الاقتصاد وكانت النتائج مشجعة جدا. أشارت الدراسة إلى أنه يمكن أن يؤدي استثمار 1.3 بليون دولار في قطاعات الاقتصاد الأخضر على مدى 10 سنوات في تأمين 50 ألف وظيفة في الأردن. وبشكل تفصيلي في حال تم تطبيق الاستراتيجية الوطنية للطاقة (10% طاقة متجددة بحلول العام 2020) سيتم خلق 3 آلاف وظيفة جديدة وفي حال تنفيذ الخطة الإستثمارية في تحسين المرافق المائية سيخلق 31 ألف فرصة عمل بحلول العام 2020. أما إذا تم تخصيص 5% من المساحات الزراعية لأنماط الزراعة العضوية وباستثمار 111 مليون دينار سيتم خلق 1700 وظيفة بأجر مجز وتحتاج إلى مهارات خاصة يشغلها العمال الأردنيون لا الوافدين وإذا استخدم قطاع السياحة مرافق سياحية مستدامة سيتم خلق 3900 وظيفة في تطوير وبناء هذه المرافق.

في قطاع الطاقة يمكن في حال استثمار 195 مليون دينار في كفاءة الطاقة في قطاع الصناعة حتى العام 2020 توفير ثلث فاتورة استهلاك الطاقة سنويا كما يمكن لتحسين كفاءة النقل يمكن أن توفر 44 مليون دينار سنويا في كلفة المحروقات والتي يمكن أن تساهم في تخصيص موارد لخلق فرص عمل جديدة (بأرقام العام 2010 والتي زادت الآن).

التطور نحو اقتصاد أخضر لن يتحقق من خلال الدولة فقط بل أيضا من خلال ثنائية القطاع الخاص والتعليم. ولكن تتحمل الدولة مسؤولية تجاوز كافة العقبات التشريعية وتطوير سياسات وقوانين تسمح بكافة الحوافز في نقل وتوطين التكنولوجيا وتشجيع استثمارات الطاقة البديلة وغيرها من قطاعات الاقتصاد الأخضر، وتمنح التعليم المناسب للطلبة على الدخول في هذه القطاعات وكذلك تمنح للحوافز للرياديين في استكشاف هذا المسار المفعم بالفرص.في غياب فرص الدعم الحكومي التي ساهمت في إطلاق الكثير من برامج الاقتصاد الأخضر في الغرب فإن ما يمكن أن نملكه في الأردن هو توفير الحوافز للقطاع الخاص للدخول الجرئ والريادي في قطاعات الاقتصاد الأخضر.

قبل ذلك ينبغي على الحكومة أن تتراجع فورا عن قرار إلغاء وزارة البيئة وتحويل صلاحياتها لوزارة الشؤون البلدية لأن ذلك يمثل تراجعا هائلا في أهمية القطاع البيئي وفي مكانة الاقتصاد المستدام ورسالة سلبية للمجتمع الأردني وللعالم ايضا بعدم اهتمام الأردن بقطاع البيئة وما يمكن أن يمنحه من فرص.

الدستور