لماذا وكيف تجهض مبادرات الملك؟

لماذا وكيف تجهض مبادرات الملك؟
الرابط المختصر

اذا كان الدين، وهو المقدس والمصون والمحمي من التحريف، يؤخذ من افواه الرجال، فكيف بالنصوص والتعليمات البشرية؟ فالرسالة على شدة طهرها الالهي يحملها رجال بمواصفات خاصة واستثنائية مزودين بالدعم “المعجزات”، ويقيّض الله لهم صحابة اجلاّء وحواريين يصونون الرسالة ويدافعون عنها وعن روحها وجوهرها، ويكونون قدوة حسنة في السلوك المخلص والتطبيق الواعي الملتزم.

والقوانين والتعليمات والتوجيهات رسالة واية رسالة بحاجة الى رسول، يكون اهلا للرسالة وحملها ومقتنعا بها حد العقيدة، وهذا بالضبط جوهر المسألة واصلها وفصلها، وهي مسألة مطروحة بقوة على المشهد المحلي، خاصة في شق الرسائل الملكية للشارع الاردني، الذي بات مسكونا بهواجس وشكوك دفعت بمنسوب الثقة الى التراجع بكل ادوات الدولة، الى حد مخيف ومحوّط بالقلق على المستقبل من كل جانب.

ولا ينكر الاردنيون وهم المفطورون على الثقة والصدق، بأن الرسائل الملكية كانت ملهبة لخيالهم ومشاعرهم، وبأنها فتحت الافاق لهم لعبور المستقبل بكل رحابة صدر وانفتاح عقلي، على مقياس الواقع العالمي المتقدم وليس على مقياس الواقع المجاور او العربي، وأجهزة استقبالهم “ريسيفراتهم” ليست معطّلة او غير مبرمجة على الاشارة الملكية الوطنية، فأين الخلل اذن.

ما يتكشف من معلومات وما يصل من اشارات على افواه الرجال الذين يلتقيهم الملك او يكلفهم بالمهمات، تقول انهم -اي الرجال- هم مكمن الخلل، وأن الاشارات المنطلقة منهم نقلا عن الملك، اما مشوشة او دخلت في دائرة مصالحهم الضيقة واجنداتهم الخاصة وكلنا يتذكر جملة او لازمة “من فوق” تلك الجملة او اللازمة التي كرر الملك مرارا وتكرارا عدم صدقيتها بل واستثمارها لاهداف خاصة.

وهذا ليس اكتشافا خارقا بل هو متداول بين كل الاردنيين، وهو يكشف عن خلل مستوطن منذ فترة مفاده ان نوعية الرجال الذين يلتقيهم الملك، لا يحظون بقبول شعبي او صدقية اجتماعية مما يؤثر على الرسالة ودلالتها وشكل استقبالها من الناس، وهو يكشف عن اخطر اكثر عمقا يقول ان من يختار الرجال للقاء الملك يعاني بدوره من اختلال في الرؤية وغربة عن الواقع الاردني او يستثمر موقعه لاجندات ومشاعر ذاتية.

وإلا كيف نفسر مصاحبة هذه اللقاءات اما لتصاعد في وتيرة حراك الشارع واما لاشاعات عن هدايا واعطيات تنفيها المصادر الرسمية فتزيدها تأكيدا، وكأن المجتمع الاردني بكليته بات مجتمعا ارتزاقيا لا مؤمنا، وأن الدولة التي ينوف عمرها عن الثمانين عاما، اجتازت كل المصاعب والمحن والمؤامرات بضربة حظ او بأكياس من الذهب والفضة، وكلنا يعلم امكانات وموارد الدولة، وأنها بنيت بالايمان والوفاء والانتماء من رجال امنوا بربهم وبوطنهم وما كذبوا رائدهم ابدا، فالاردني لا يكذب اهله وإذا كان الانسان كائنا اجتماعيا حسب تعريف ابن خلدون فإن الاردني اكثر بني الانسان تعبيرا عن هذا التعريف وازيد بأنه كائن فطريّ بقي على الفطرة.

الازمة او المشكلة في ان قليل ممن يثق الاردنيون بهم يغيبون عن اللقاءات وقلة تحضرها، فتكون الرسائل اقل تعبيرا عن وجدانهم ونكهتهم التي يعرفونها واجتازوا بها الصعاب والمصاعب، والازمة الاكبر انهم يرون ركّايات الدولة ومخلصيها من الرجال خارج الصورة والاطار، بل ويعاقبون بالاقصاء, لصدقهم رائدهم واهلهم، وهنا يأتي دور الحاشية الذين هم بمثابة الحواريين وتلك قصة اخرى سنتعرض لها لاحقا عبر سؤال برسم الاجابة، الحاشية دور ام وظيفة واجابة السؤال ستكشف الكثير والمفيد؟.

الدستور