لا لتمديد التسجيل

لا لتمديد التسجيل
الرابط المختصر

الدولة نجحت في تحدي الانتخابات والتمديد يضر بسمعتها ويظهرها ضعيفة مترددة

لا أدري ما علاقة رئيس الوزراء في إجراء الانتخابات النيابية، ولماذا تقحم الحكومة نفسها في ملف لم يعد من اختصاصها بعد تشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات التي أناط بها الدستور "الإشراف على الانتخابات وإدارتها"، ومع ذلك نسمع دولة رئيس الوزراء يصرح من خلال شاشة التلفزيون الاردني بأن الانتخابات النيابية ستجرى نهاية العام او مطلع العام المقبل بأسبوع أو أسبوعين.

وهي "أحجية "غير مفهومة، والغريب أن كل هذه التكهنات تأتي في وقت لم يصدر فيه جلالة الملك قرارا بحل مجلس النواب وإجراء الانتخابات التي تحدد موعدها الهيئة المستقلة للانتخابات، ومع ذلك نرى تخبطا سياسيا واضحا جر المواطنين والقوى السياسية إلى حالة من عدم الثقة لولا تصريحات جلالة الملك المتتالية بالتأكيدها "سيكون لدينا برلمان جديد مطلع العام".

أعتقد أن الدولة تجاوزت عنق الزجاجة وخرجت منتصرة من تحدي الاخوان المسلمين بإفشال عملية التسجيل للانتخابات ومنع إجرائها من دونهم، وأصبحت لدينا سجلات انتخابية نظيفة، ورقم مسجلين مهول لم نكن نتوقع نصفه قبل شهرين، وغدا ستنتهي عملية التسجيل، وسيكون لدينا على الأقل 1,85 مليون ناخب وناخبة، وكذلك فاق عدد المسجلين في العاصمة نصف مليون وهو إنجاز مهم في منطقة معروفة تاريخيا بقلة اهتمامها بالانتخابات.

وقد حسمت جماعة الاخوان المسلمين قرارها بالبقاء في الشارع ولم تستجب لكل رسائل حسن النية من الملك والدولة، وهذا الأمر وتَّر العلاقات الداخلية في "الجماعة" لوجود تيار يؤيد المشاركة بعد تزايد الشعور بالخسارة من الغياب عن البرلمان المقبل وتحول مزاج الرأي العام الى دعم الانتخابات نتيجة للتخوف من أجندة "الاخوان" وسعيهم الى "التحدي" يوم الجمعة المقبل.

الأمور باتت واضحة للأردنيين، لكن يبدو أن هناك في الدولة من يفكر في تمديد عملية التسجيل للانتخابات بدليل الحديث عن برلمان مطلع العام، لأن الانتخابات في الوضع الحالي ستجرى اعتبارا من الخامس والعشرين من كانون الأول المقبل، وأي تمديد سيدفع موعد إجرائها إلى الامام بحيث إذا مدد التسجيل أسبوعا فإن الموعد الجديد سيكون الثاني من كانون الثاني المقبل وهو الموعد الذي يتفق مع تصريح د. الطراونة سابق الذكر.

هل نحن بحاجة الى تمديد عملية التسجيل للمرة الثانية؟

قبل الاجابة لا بد من معرفة الهدف من أي تمديد، فهل هو رسالة حُسن نية جديدة الى جماعة الاخوان المسلمين للعودة عن قرار مقاطعة الانتخابات أم أن الهدف رفع نسبة التسجيل ؟

لا أعتقد أن الدولة باتت معنية باستمالة "الاخوان" بعدما نجحت في اختبار التسجيل كمًّا ونوعا، وكذلك بعدما فوّت "الاخوان" فرصة كبيرة على أنفسهم بإحراج الدولة لو أنهم حددوا شروطا مثل صوتين او ثلاثة ، ولأجبروا الدولة على الموافقة على طلبهم، لكن لحسن حظ الدولة ان "الجماعة" لم تفعل ذلك وهو ما قلب المزاج الشعبي في الشارع ضدهم وهنا تكمن خطورة التمديد الجديد، حيث إن الراي العام سيفسر ذلك، وخاصة بعد استمرار "الاخوان "في المواجهة ويعطي الانطباع بأن الدولة ما زالت "تترجى عودتهم" وهو ما سيؤثر في سمعتها في الشارع ويظهرها ضعيفة مترددة.

والحل هنا سهل، يمكن التمديد لثلاثة ايام فقط يسبقها قرار حل مجلس النواب لإعطاء جدية وزخم لعملية التسجيل، لكنه يبقي على موعد الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، وهذا أفضل من نقلها الى مطلع العام الجديد.

هل الدولة بحاجة الى زيادة أعداد الناخبين ؟ لا اعتقد ذلك، فالرقم المسجل بكل المقاييس كبير، الا اذا كانت النية تتجه لإغلاقه على المليونين، لكن علينا ان نعترف ونفتخر بانه رقم حقيقي، لا يوجد فيه تزوير ولا يوجد فيه أشخاص "فائضون عن الحاجة" بل إن ميزة هذا الرقم أنه سيرفع من نسبة المقترعين، لأن أغلبهم سجل بقصد المشاركة في الاقتراع وليس "رفعا للعتب".

العرب اليوم