لا لتدخل أجنبي من الأردن

لا لتدخل أجنبي من الأردن
الرابط المختصر

الملك يحمل أفكاراً للحل السياسي في سورية تقوم على منع أي تدخل أجنبي من الأراضي الأردنية

أصبحت القضية السورية جرحا يوميا نازفاً يهدد جميع المجاورين له، فاذا كانت من مصلحة النظام هناك "الصمود" واطالة امد الحرب واثبات تأثيراتها السلبية على الجيران، فان دول الجوار معنية بأنهاء الازمة كل حسب مصالحه واهتماماته.

ولم يعد خافيا أن ثمة معسكرين يعملان بجد على تحديد شكل النظام الجديد، احدهما يدعم الشكل والمحتوى المدني للدولة السورية، والذي يبحث عنه المعتدلون داخل معسكر المعارضة، وهو الحل الذي يناسب الدولة الاردنية على الاقل، والثاني يدعمه المتطرفون الباحثون عن الشكل الديني الاقصائي للدولة تحت غطاء مهمة "اسقاط النظام" بغض النظر عن البديل الجديد، وهو سعي مغامر يمكن ان يجلب الفوضى والدمار للاقليم . وهذا السباق المحموم يستعمل كل الاساليب المتاحة من المال الى السلاح الى الاعلام الى الاشاعات وتشويه أدوار الآخرين او تزيينها.

وقد بدأ الضخ الاعلامي باتجاه الاردن عن قرب التدخل العسكري الاجنبي في سورية انطلاقا من الاراضي الاردنية كاحد الاحتمالات، وقابل ذلك قصور من جانب الدولة الاردنية واجهزتها التي ظهرت الاسبوع الماضي مرتبكة وهي تحاول التغطية او تبرير ما كشفه وزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل عن وصول قوة عسكرية امريكية تعدادها 200 عسكري.

ليس المهم وصول هذا العدد او غيره، بل السؤال الاكثر الحاحا، هل هناك تدخل عسكري اجنبي في سورية؟ اذاً ما مهمة القادمين الجدد؟

للاسف اصبحت القناعة لدى الرأي العام الاردني ان ثمة تغيرا في الموقف الاردني واننا نعد العدة للتورط في سورية، لكن هذه الافكار نفاها جلالة الملك عبدالله الثاني جملة وتفصيلا اثناء زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما، وهناك لقاء مرتقب لجلالته هنا في واشنطن (يوم الجمعة ) مع الرئيس الامريكي، وقد ابلغنا جلالته انه يحمل حزمة من الافكار والاقتراحات او السيناريوهات، وجميعها يدعم الحل السلمي الذي يؤمن به جلالة الملك المهتم اصلا بابلاغ مضيفه بكل وضوح معارضته الشديدة "لان تطأ أي قدم اجنبية او اردنية الاراضي السورية".

هذا الكلام الواضح ليس جديدا فقد قاله الاردن أثناء الاعداد للغزو الامريكي للعراق، عندما واجه الاردن سيلا من الاشاعات والاخبار الكاذبة عن دور اردني محتمل للتدخل ضد النظام العراقي في حينه، وهو ما ثبت عكسه تماما.

نعم، من مصلحتنا إنهاء الازمة السورية، مثلما انه ليس من مصلحتنا التدخل المباشر لانهائها، لكن يجب ان نحمي مصالحنا، ونحاول وضع البدائل والحلول، واولها ايجاد حل سياسي يحفظ وحدة الارض والشعب بغض النظر عن شكل النظام الجديد، لان تدفق اللاجئين اصبح يشكل تهديدا هائلا "يهددنا بالغرق" لان التوقعات تشير الى قدوم مليون لاجىء اذا ما استمرت الازمة الى نهاية العام الجاري والى عدة ملايين اذا طال أمد الحرب.

إن إنهاء الازمة لا يعني اطلاق الدعاء فقط ليفرج الله تعالى كربنا، بل علينا ان نعمل بجد من اجل صيانة حدودنا وبلدنا ودرء المخاطر عن شعبنا، حتى لا نفاجأ بالاحداث تأخذنا الى حيث لا نريد، فالمعروف ان هناك مستودعات للاسلحة الكيماوية على الحدود السورية الاردنية وقد لا تبعد اكثر من 15 كم عن ارضنا، ماذا لو وقعت تلك الاسلحة في ايدي المتطرفين؟ هل نضع مصيرنا تحت تصرفهم؟ ماذا لو اضطر احد المتحاربين لاستخدام تلك الاسلحة ضد الطرف الآخر؟ ما هو موقفنا وماذا علينا ان نفعل في اللحظات الحرجة ؟ هل نستطيع ان نفعل شيئا؟

الأردن ضد الحل العسكري ولن يسمح لاي كان باستعمال اراضيه للاعتداء على سورية وهذه قناعة راسخة، واذا تم استقدام جنود اجانب للتدريب على الاحتمالات القائمة لدرء الخطر، فانه اجراء يجب ان يحمي مصالحنا فقط ومنع امتداد الفوضى للمنطقة، لكن يجب ان يكون كل ذلك واضحا وشفافا دون ان يُستخدم للمساس بسمعتنا ومحاولة تشويه مواقفنا.

وهذا يقودنا الى اهمية المكاشفة والمصارحة في المرحلة المقبلة على جميع المستويات، اولا الدولة واذرعها واجهزتها التي يجب ان تعرف الحقيقة عن كل قرار، وكذلك الرأي العام الاردني الذي من حقه الاطلاع على الحقائق والمعلومات السلبية والجيدة، ليتمكن من تكوين فكرة عن اي قرار او إجراء، وان لا يبقى مرهونا لما يسمعه من الاعلام الخارجي الذي له اجندات ايضا، فالعالم اصبح صغيرا وقول الحقيقة افضل من اخفائها.

العرب اليوم