لا تهدروا فرصة الهدوء في الشارع
التراجع عن الاصلاحات او التراخي في تطبيق توصيات "الحوار الوطني" يعيدنا الى مربع الأزمة .
للاسبوع الثاني على التوالي تعيش عمان وباقي المدن حالة من الهدوء, لا مظاهرات ولا اعتصامات تطالب بالاصلاح, حتى التيار السلفي تراجع عن تنظيم نشاط في مخيم البقعة.
الحكومة كانت تطالب القوى السياسية والشبابية منحها الفرصة "لانجاز حزمة الاصلاحات المطلوبة وها هي الاحزاب والحركات تستجيب للطلب بانتظار ما ستسفر عنه لجنة الحوار الوطني من نتائج.
المطلعون على اعمال لجنة الحوار يتوقعون ان تنجز في غضون اسبوعين مشروع قانون للانتخابات وآخر للاحزاب وفي الوقت عينه ستؤشر اللجنة على التعديلات الدستورية المقترنة بقانون الانتخاب الجديد بما يساهم في تطوير الحياة النيابية والحزبية.
وعلى خط مواز تعمل الحكومة على فكفكة قضايا عديدة معلقة وانجاز حزمة من السياسات والاجراءات لمعالجة قضايا مطلبية واقتصادية ابرزها اعادة هيكلة رواتب الموظفين في القطاع العام المتوقع اقرارها اليوم, وفي الاثناء تواصل هيئة مكافحة الفساد التحقيق في عدد من الملفات التي طالما ضغط الرأي العام من اجل فتحها وتقديم المتورطين فيها الى القضاء.
لا شك ان كل هذه الخطوات ساهمت في تهدئة الشارع قليلاً, وبدا واضحا في الاسابيع الاخيرة ان الشارع الاردني غير متحمس للمسيرات والاعتصامات ويفضل منح الحكومة ولجنة الحوار الوطني الفرصة.
لكن هناك مخاوف من ان يفهم البعض في الحكومة والمؤسسات الرسمية حالة الهدوء هذه على انها تراجع عن المطالبة بالاصلاحات فتستغل الفرصة لا للانجاز السريع انما للتهرب من الاستحقاقات المطلوبة والدفع باتجاه تخفيض سقف التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب, عن طريق الضغط على اوساط في لجنة الحوار لاعاقة اي مشروع متقدم لاصلاح القانون, وثمة مؤشرات مقلقة على ذلك داخل لجنة الحوار الوطني.
ان اسوأ ما يمكن ان يحدث هو نجاح قوى الشد العكسي في فرملة خطة الاصلاح السياسي, لان ردة الفعل من الشارع هذه المرة ستكون قوية وغاضبة وستشعر الاحزاب وقوى الحراك الشبابي ومعهما تيار واسع من الشعب انهم تعرضوا للخديعة من الحكومة عندما صدقوا وعودها بالاصلاح ومنحوها الفرصة اللازمة للانجاز. لذلك ينبغي تجنب هذا الخيار والوفاء بالوعود التي اطلقتها الدولة على جميع المستويات.
ولتأكيد هذا الالتزام يتعين على الحكومة ان لا تماطل كثيرا, وتتعامل بجدية وسرعة مع مخرجات لجنة الحوار الوطني بالدعوة فورا الى دورة استثنائية لمجلس النواب لانجاز هذه التشريعات وما يرتبط بها من تعديلات على الدستور اضافة الى قانون نقابة المعلمين.
ان من حق لجنة الحوار الوطني وكل القوى الداعية للاصلاح ان يطالبوا الحكومة بخطوات والتزامات محددة لتنفيذ توصيات اللجنة وتوجيهات جلالة الملك الذي اكد امام رئيس واعضاء "الحوار الوطني" انه الضامن لتطبيق ما يصدر عن اللجنة من توصيات.
منذ اسبوعين يبدو الاردن وكأنه خارج المنطقة العربية التي تعج شوارعها بملايين المتظاهرين. ويخطئ من يعتقد ان شوق الاردنيين للاصلاح والديمقراطية اقل من اولئك الذين يملأون الشوارع والميادين العربية.
كل ما في الامر انهم ما زالوا يراهنون على وعود الدولة وخططها, ولكنهم اذا ما فقدوا الأمل فان "الموالين" قبل المعارضين سيلتحقون بركب الشارع العربي.
العرب اليوم