كيف تنجح الهيئة المستقلة للانتخابات ؟

كيف تنجح الهيئة المستقلة للانتخابات ؟

الهيئة المستقلة للانتخابات تسابق الزمن هذه الأيام من اجل إرساء قاعدة رئيسية يمكن البناء عليها في اجراء الانتخابات النيابية على أسس من الشفافية والنزاهة والممارسة الديمقراطية السليمة، لطالما كانت تطلعا شعبيا ووطنيا ظل يبدو بعيد المنال بعد ان شابت بعض الدورات الانتخابية السابقة حالات غير خافية من التلاعب والتزوير وشراء الضمائر والأصوات وشتى صنوف التدخل والتداخل، الذي افرز مجالس نيابية ظلت الشبهات تلاحقها حتى أواخر أيامها ما دامت حكومات أشرفت على انتخابها، قد اعترفت صراحة بان ما جرى لم يكن ضمن المعايير القادرة على تمثيل إرادة الناخبين ! .

ملامح الحزم الجاد والأمل الواعد رسمت ملامحها بوضوح على قسمات رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات في لقائه مع عدد من الزملاء الكتاب الصحافيين، وهو يستعرض تدقيق الهيئة في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالشأن الانتخابي الذي تتولى مهامه لأول مرة في الأردن، وتتعامل معه بحس مرهف مفعم بثقل المسؤولية وحساسية شديدة متحفزة لالتقاط أية دلائل مهما صغرت يمكن لها أن تؤثر على سلامة العملية الانتخابية من اجل العمل على تصويبها وهي في بداياتها الأولى ! .

اذا ما كانت عملية التسجيل الجارية حاليا هي الأساس في استكمال إجراءات الانتخابات النيابية وتحديد موعدها من خلال إعداد جداول ناخبين غاية في الدقة وخاضعة أيضا للاعتراض والتدقيق، فان المؤشرات تدل على أن رقم المسجلين ربما يقترب من حدود المليونين بعد ان تجاوز المليون ونصف المليون، خاصة مع الإقبال المتزايد من المواطنين على المراكز المخصصة والذي تم تقديره وتوقعه بحوالي أربعين ألف مراجع يوميا حتى نهاية تمديد عملية التسجيل مع آخر أيام الشهر الحالي، وهذا ما يمكن اعتباره نسبة مقبولة في اجراء العملية الانتخابية قياسا على تجارب عربية ودولية إذا ما وصلت الى حدود الستين بالمئة ممن يحق لهم الانتخاب والمقدرين بحوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون، إلا ان الرقم الإجمالي يشمل المغتربين الأردنيين في الخارج وكذلك العسكريين الذين لا يحق لهم التصويت ! .

يظل التحدي الأكبر الذي تواجهه الهيئة المستقلة للانتخاب هو حالة اهتزاز الثقة التي سادت العديد من العمليات الانتخابية السابقة، مما يلقي على عاتقها عبئا ثقيلا في العمل على سد كافة الثغرات الذي ينفذ منها الفعل الخطأ وفق تأكيدات رئيسها، وانه إذا لم يكن بالإمكان التوصل الى صورة مثالية تماما إلا ان الأصل أن يتم تلافي الأخطاء التي سيكون للمواطن الأردني دور هام فيها، عبر الكشف عن اية ممارسات يرى أنها ذات آثار سلبية على سير الانتخابات بدءا من التسجيل والاعتراض والاقتراع والفرز، وهذا ما يساعد على تحقيق النجاح للوطن باسره في ممارسة ديمقراطية تمثل ركيزة برنامج الاصلاح السياسي الوطني ! .

ربما تكون الهيئة المستقلة للانتخابات ليست طرفا في سجال المشاركة أو المقاطعة أو الجدل حول النظام الانتخابي، لكن لا بد من الاعتراف بان ذلك ستكون له انعكاساته الواقعية على ادائها التي تجهد من اجل التوصل إليها، فلا يخفى انها قد تتحمل مسؤولية لا ذنب لها فيها عندما تبقى المعادلة قائمة على تعميق مبدأ المقاطعة، مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى اثارة الشكوك حول فوز أعضاء لا يختلفون كثيرا عمن سبقوهم من نواب في المجالس النيابية الماضية، ولعل الأيام القادمة تحفل بما هو جديد من قناعات بأهمية المشاركة العامة دون اية تقاطعات أو مقاطعات، وهذا ما يسهم في الخروج بتمثيل نيابي لإرادة مختلف أطياف المجتمع الأردني وتحقيق النجاح الكامل لعملية ديمقراطية يمكن أن يشهد على نزاهتها وسلامتها ولها لا عليها القاصي والداني !

العرب اليوم

أضف تعليقك