كلاسيكو الفساد
من باب كسر الاحتكار , يحب الاردنيون الثنائيات بالفطرة , ويكرهون ان يتفرد بمذاقهم ووعيهم ووجدانهم عنصر واحد , وحتى اذا ما فقدوا ثنائية انتجوها بفطرتهم, فالقهوة التي اعتادوها طويلا وظلت الجزء الاساس في صباحاتهم ومساءاتهم , في افراحهم واتراحهم , انتجوا لها مقابلا قادما من “ سيلان “ , لكسر فرادتها فبات الشاي المكون الثاني .
في الاعلام حافظوا على مواكبة الثنائية , الدستور والرأي,الاذاعة والتلفزيون , واسقطوا ثنائيتهم على كل التفاصيل , كرويا كان الجزيرة منافسا للفيصلي ولما افل نادي الجزيرة انتجوا الوحدات , وما يئسوا من فرادتهم في الثنائيات حتى في السجون , فكان الجفر والمحطة .
هدم سجن المحطة واغلاق سجن الجفر الصحراوي وتحويله الى مركز تدريب مهني لم يمنعهم من اعادة الثنائية, فظهر في بواكير الحداثة السياسية سجنا الجويدة وسواقة , وظلّت الثنائيات سلوكا اردنيا اما بضرورة الصدفة او منتج بالوعي الجمعي , ظواهر الحداثة التي حاولت تكسير مفهوم الثنائية لاقت مصيرا قاتما حيث طواها الغياب ولعل سجن سلحوب مثالا على ذلك , فهذا السجن كاد ان يدرج نمطا جديدا من انماط السياحة في العالم بعد السياحة الترفيهية والعلاجية , واقصد سياحة السجون , نظرا لتمتع هذا السجن بمواصفات عالية وخدمات فندقية , تليق بقاطنيه وحجم ثروتهم , بصرف النظر عن مصادر هذه الثروة التي اوصلتهم الى سلحوب .
فرادة الثنائيات يجب ان تستمر لانها ميزة اردنية خالصة ولا يجوز العبث بهذا الثابت الوطني , لانه يؤكد مفهوم كسر الاحتكار , فلا يجوز ان يكون الكلاسيكو احادي الطرف , لانه يفقد قيمته ويفقد تأثيره الجماهيري واثره على الحالة العامة من حيث منسوب الترقب والاثارة وما ينعكس تبعا لذلك على حالة الجماهير النفسية ورضاها .
الكلاسيكو ليس كرويا بالضرورة , ولا يجوز ان يتعدى حدود بلد بذاتها , فعلى الصعيد الكروي ومن باب المبالغة او الاعتزاز الوطني يمكن اعتبار مباراة الفيصلي والوحدات كلاسيكو اردني بعيدا عن مستوى الاداء , وكذلك لقاء الاهلي والزمالك في مصر المحروسة , ولم نسمع عن كلاسيكو بين دولتين حتى لو كانتا في الاصل بلدا واحدا , فمباراة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية لا تحمل لقب الكلاسيكو ولا مباراة بين الصين وتايوان .
ما يحدث الان على جبهة الحرب على الفساد وتحويل الاسماء الكبيرة الى المحاكم , هو مباراة ولها شكل الكلاسيكو الكبير بين فريقين داخل الدولة , فريق الفاسدين ومن يناصرهم – وهنا يصبح لهم دور الجمهور في المباريات – وبين اعداء الفساد والمطالبين بمحاربته ومحاربة رموزه ولهم ايضا جمهور واسع , فكل شروط الكلاسيكو في الحرب على الفساد متوفرة , وقد رأينا في محاكمات سابقة مثل هذا الامر .
اخر نقلة او مباراة في هذا الاطار كانت من طرف واحد ولإكمال صورة الكلاسيكو واشتراطاته الشعبية او الجماهيرية لا بد من اضافة الطرف الثاني ليتحقق مفهوم الكلاسيكو وترتفع الاثارة ليرتاح الجمهور ويشعر بجدية المباراة وحماستها .
ما نريده اكمال شروط الكلاسيكو في الحرب على الفساد, فما زال الملعب ينتظر الطرف الاخر ليكون الكلاسيكو اردنيا بامتياز .
الدستور