قوانين الانتخابات النيابية
رغم كل ما يمكن أن يقال في قانون الانتخابات الجديد ، الا انه في التفاصيل والهوامش ، لا يمكن إنكار ان الاجراءات المعلنة المشددة بشأن نقل الأصوات من دائرة انتخابية الى أخرى ، هو اجراء قانوني سليم وايجابي ويؤشر على سلبيات هذه الناحية التي مورست بتوسع في الانتخابات النيابية من العام 1993 وحتى العام ,2007
ويظل الأهم ، هو الجدية والصرامة في تطبيق القانون بهذا الشأن. كما ان التأكيد على عقوبات قوية بحق من يشتري الأصوات أو يبيعها ، هو أمر ايجابي ، لكن تظل العبرة في حسن تطبيق القانون.
ما يمكن قوله ، هو وصف الحالة الواقعية لتجارب الانتخابات النيابية ، ابتداء من العام 1989 ، وعند رصد مجريات العمليات الانتخابية للمجالس النيابية التي تم انتخابها في الأعوام 1989 ، 1993و ، 1997و ، 2003و ، 2007و نجد أن هنالك انطباعا شعبيا يكاد يكون جماعيا ، يؤكد النظرة الايجابية للقانون الذي جرت في ظله انتخابات العام 1989 ، والذي كان في جوهره استمرارا لروح القوانين التي حكمت الانتخابات النيابية منذ نشوء المملكة في العام 1946 ، حيث تم اعتماد الدائرة الكبيرة على مستوى المحافظة وقبل المحافظات على مستوى المتصرفيات ، أي نفس الصيغة والاطار مع فرق التسمية سواء كانت محافظة أو متصرفية ، وكان ينظر الى تمتع الناخب بحق انتخاب مرشحين بعدد نواب دائرة المحافظة وهو ما كان يحقق مشاركة أوسع وتفاعلا عريضا بين كل ابناء المحافظة الواحدة ، أما انتخابات 1993 فقد جرت بموجب قانون الصوت الواحد ، ولكن على مستوى المحافظة ، والوحدة الادارية كاملة غير مقسمة ، ولا يخفى أن الانتقادات انهالت على اعتماد الصوت الواحد ، ولا يزال هنالك من يعتبره أُسَّ البلاء في العملية الانتخابية ، لكن ما جرى في انتخابات العامين 1993 1997و هو الابقاء على مشاركة كل أبناء المحافظة أو الوحدة الادارية الكبيرة باختيار نوابهم ، وهذه ناحية نظرَ الناس اليها بايجابية من قبل الكثيرين منهم.
أما انتخابات 2003 2007و فقد اعتمدت بنسبة عالية الدائرة الواحدة ، وان كانت أبقت الأمر غير محدد تماما في الدائرة الواحدة للنائب الواحد ، وبات النائب يمثل دائرته الصغيرة ، وتم ايصال بعض النواب بعدد أصوات قليلة وفي حالات كثيرة بحدود الف صوت وغالبية الحالات بآلاف الأصوات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.
على ضوء ما تقدم ، فان اللجوء الى تحديد الدائرة الصغيرة الواحدة للنائب الواحد قد يعطي نتائج سلبية وفق ما اشرنا اليه من تداعيات.
هذا بعض ما يقال ونتجاوز عن المخاوف والحساسيات من أي تدخل أو تأثير ، وكل ما رافق الانتخابات في الماضي وآخرها انتخابات 2007 الأخيرة ، وقد قصدنا ان نستعيد ملامح تجربتنا الماضية ، لعل في ذلك ما يفيد في تحقيق أفضل ما يمكن في تجربتنا القادمة.