قطع الطرق ليس حراكاً شعبياً

  قطع الطرق ليس حراكاً شعبياً
الرابط المختصر

ليس موقفا صحيحا البتة أن يكون الحراك المناطقي مطالبا بمحاكمة الفساد، وتحويل الفاسدين، أو من تطالهم شبهات الفساد إلى القضاء، وفي نفس الوقت تقدم الحماية الاجتماعية لمن يتم توقيفه على خلفية قضايا الفساد، وتتعرض الدولة إلى التهديد ، والوعيد، وإمكانية إشعال الشارع، ونصمت جميعا إزاء هذه المفارقة التي كانت تستدعي استنفار المجتمع للدفاع عن حقه في تنقية الإدارة الأردنية من كل مظاهر استغلال النفوذ والسلطة، والحفاظ على القانون والنظام العام الذي يقف على النقيض من الفوضى وسيادة أحوال الخروج على القانون.

ومواجهة الفساد يجب أن لا تحدث تعارضا بين المطالب العامة التي تنادي بحقوق الشعب الأردني ومحاسبة السلطة عليها، وبين المطالب الخاصة لبعض الفئات الاجتماعية التي تتخذ شكلا من اشكال الاستقواء على الدولة، واستغلال هذه الظروف التي تداخل فيها الحراك السياسي والمناطقي المحق، مع بعض مظاهر الخروج على النظام العام، وخرق القانون، إزاء حالة من الصمت الذي ينم عن عدم وعي اجتماعي حيث استفحال مظاهر خرق النظام والقانون يهدد في نهاية المطاف الحقوق، والحريات العامة.

وليس موقفا صحيحا أن يصار إلى التداخل اعلاميا بين كافة أشكال التعبير السلمي، والمطالبة بالإصلاح والتغيير، عبر المسيرة والمظاهر، والاعتصام، وشتى التعبيرات في الشارع السياسي، مهما بلغت شعاراتها ومطالبها، وهي تعبر عن مطالبة المجتمع باسترداد دوره في العملية السياسية، وبين اندلاع مظاهر قطع الطرق، وإشعال الإطارات، وإجبار المواطنين على التوقف عن السير فيها، والاستيلاء على بعض المكاتب الرسمية، ومنع الموظفين العموميين من الدخول إليها، وتشكيل حواجز لتوقيف المواطنين، ومنعهم من استخدام المرافق العامة، والطرق، وهو تعبير صارخ عن تشكل طرق بدائية في الاعتراض، وهو ما يعيدنا إلى سيادة أحوال الفوضى والانفلات، وسيكون المتأثر الأول في حال انتشار هذا الشكل من الاستقواء على الدولة المواطن نفسه الذي سيخضع في هذه الحالة لتعليمات وأوامر مواطن اخر قطع عليه الطريق. وكل من ينادي بأحقية المجتمع الأردني بالتمتع بالتطبيقات الديمقراطية، وإعطاء السلطة الصفة الشعبية عليه أن يستشعر خطورة ممارسات الخروج على النظام العام، وانتشار عمليات قطع الطرق من قبل المحتجين، وهذه السلوكيات إذا أعطيت قبولا شعبيا او قوبلت بصمت القوى السياسية فستعطى المشروعية ويكون البديل القادم الفوضى لا محالة.

والى ذلك فقد روى لي احدهم انه رأى سيارة اسعاف تمنع من المرور على احد الحواجز التي شكلها محتجون شباب على الطريق الصحراوي فتتخذ سبيلها - في مشهد صادم- في الطرق الترابية كي تصل بالمريض الذي تقله إلى المستشفى، فهل هذا يعقل!!!

وأيضا يجب أن نشكل عازلا يحمي الحراك المناطقي ، وأنشطة القوى السياسية المطالبة بالإصلاح من أن تصبح أداة لبعض الخارجين على القانون الذين يندسون في هذا الحراك، وهم يملكون سجلات جرمية، ويمارسون سلوك التعدي على القانون باسم حركة الإصلاح، وهذا لا يأتي في سياق المطالبة بدولة مدنية يسود فيها النظام والقانون، وعدم خرقه سواء من قبل مؤسسات، ودوائر السلطة، او جهات شعبية تملك لها مصالح، او مطالب خاصة، او دوافع ذاتية.

الدستور

أضف تعليقك