قصة تسريب الامتحان : نريد أن نعرف الحقيقة!

قصة تسريب الامتحان : نريد أن نعرف الحقيقة!
الرابط المختصر

أصاب د. عبدالله النسور حين قال إن استعادة “هيبة” الدولة مرتبط باستعادة “الثقة” بامتحان التوجيهي، فأهمية هذا الامتحان لا تتعلق فقط باعتباره انجازاً للدولة الاردنية، نشأ معها منذ ان كان “الطلبة” الناجحون “يتسمرون” امام الاذاعة الاردنية للاستماع لأسمائهم التي كانت تبث على مدى ساعات طويلة، وحتى قيام الصحافة الاردنية بهذه المهمة وصولا الى زمن “الانترنت”، بل تتعلق اهمية الامتحان ايضا باعتباره يمثل “رمزية” مقدسة في ذاكرة الاردنيين، فهو من جهة يحدد مصير “الطالب” بعد “12” عاماً من التعب، وهو من جهة ثانية يحمل “قيمة” العدالة والانصاف والمصداقية التي تراجعت -للأسف- في حياتنا، وهو من جهة ثالثة يشكل “اهم” حدث في حياة الأردنيين كلهم ويكاد ان يكون “رمزا” لوحدتهم الاجتماعية والثقافية التي “جرحتها” للأسف التباسات السياسة واشتباكاتها.

على مدى العقود الماضية ظل امتحان التوجيهي، رغم كل “المرارات” التي تعيشها الأسرة الاردنية استعداداً له، والخيبات التي تتحملها اذا لم يكتب لأبنائها نصيبهم من النجاح، دليلا وشاهداً على “نزاهة” الدولة وحصانة اجراءاتها ومقرراتها، فلم نسمع - إلا في مرات نادرة خلال السنوات الأخيرة - ان اسئلته قد سُرّبت، أو ان قاعاته تعرضت للاختراق او ان “الغش” بشتى انواعه قد انتشر بين التلاميذ الذين يتقدمون اليه، كانت “هيبة” التوجيهي مثل هيبة المعلم وهيبة الدولة وهيبة الموظف العام مصونة من العبث، سامية على كل محاولة للتشكيك والتجريح.

لكن الصورة - للأسف - تغيرت، فقد شهدنا لأول مرة “فضيحة” بيع اوراق الامتحان، واحيل الملف الى القضاء، ثم تكررت التجاوزات، سواء تلك التي تعلقت “بالتكنولوجيا” ونقمتها الوافدة، أو بدخول الأهالي على خط “اجتياح” القاعات، أو ممارسات “الغش” المكشوف التي تورط فيها طلبة ومسؤولون احيانا.. وصولا الى ما حدث هذا العام في قضية “تسريب” أحد الامتحانات التي بثت على الهواء مباشرة على الشاشات قبل موعد الامتحان بنحو نصف ساعة.

الوزارة - كالعادة” ردت “بالنفي” وطالبت الجهة الإعلامية التي كشفت الحادثة بتزويدها “بالوثائق”، اما نقابة المعلمين فدعت لتشكيل لجنة تحقيق واكتفت بإصدار بيان تطالب فيه الوزارة بعدم تكرار ما حصل، لكن بقي ان نستمع للفضائية الإعلامية التي تحملت مسؤولية كشف “المستور”، وهنا يجب أن نتنبه الى ملاحظتين: إحداهما أننا ضد “التوظيف” السياسي لما حدث، فالمشكلة تتعلق بملف وطني هو جزء من أمننا الوطني، وبالتالي نحن ضد “تسييسها” أو استخدامها في “المناظرات” السياسية الراهنة في موسم الانتخابات، اما الملاحظة الأخرى فهي ان “الجهة” التي قامت بنشر “واقعة” التسريب محسوبة على تيار سياسي معروف، وهذا - كما اعتقد - كان سبباً في “التغطية” على المشكلة، أو عدم أخذها على محمل الجد، لا انتقاصاً من خطورتها بل نكاية بهذا الجهة وحرماناً لها من استخدامها لأغراض سياسية.

يكفي هنا ان نضع جزءاً من تفاصيل ما حدث من وجهة نظر الفضائية، حيث ذكر المسؤولون فيها ان “القناة” اتصلت قبل اسبوع من الواقعة بوزير التربية وذكرت له ان أنباء غير مؤكدة وصلت اليها بوجود “اسئلة” مسربة في أحد المباحث، لكن ليس لها اي دليل عن ذلك، الوزير بالطبع نفى ذلك، وفي صباح يوم امتحان مادة علوم الأرض وصل للقناة من أحد مراسليها صورة عن “الامتحان” قبل انعقاده بنحو ساعة، فاتصلت بالوزير واخبرته بذلك، لكنه نفى، وبعد حديث طويل طلب منها ان تبعث “الورقة” على الفاكس، رافضاً استقبال “كاميرا” القناة لإجراء مقابلة معها حول ما جرى.. بعد ذلك ترددت القناة في نشر “الورقة” لكنها قبل نحو “ربع” ساعة من موعد إجراء الامتحان قررت وضعها على الشاشة في خبر عاجل.. ثم تابعت “الخبر” في نشراتها اللاحقة.

حتى الآن، القضية ما زالت معلقة بين الوزارة التي نفت صحة ما حدث وبين “القناة” التي تؤكد ان الامتحان جرى تسريبه وان الدليل ظهر على الشاشة قبل اجراء الامتحان.. والسؤال: أليس من حق المواطن ان يعرف الحقيقة، أليس من واجب الوزارة ان تخرج على الرأي العام وتقول له ما حدث فعلاً.. ثم أليس من واجب نقابة المعلمين ان تنهض للدفاع عن سمعة الامتحان وحق الطلبة كما تفعل عادة في الدفاع عن “الزملاء”؟ نحن بانتظار ذلك ونتمنى ألا تسجل القضية ضد “مجهول”.

الدستور

أضف تعليقك