قانون الانتخاب.. العجلة من الشيطان

قانون الانتخاب.. العجلة من الشيطان
الرابط المختصر

من شاهد الصورة المتجهمة في صحف الامس التي تجمع رئيس مجلس الاعيان ورئيس لجنة الحوار الوطني طاهر المصري ورئيس الحكومة معروف البخيت, لا يجد صعوبة في قراءة مستقبل مخرجات لجنة الحوار الوطني وبالتحديد المبادىء العامة في قانون الانتخاب.

لا شك ان هناك الكثير من الملاحظات الايجابية والسلبية على تقرير لجنة الحوار, لكن يبدو ان الاخذ والرد بين النخب والقواعد الشعبية سيكون كبيرا على مبادىء قانون الانتخاب, لان من الصعب الحكم على قانون من خلال مبادىء عامة وضعت له, فالشيطان يكمن دائما في التفاصيل, اي عندما تحول المبادىء العامة الى نصوص قانونية تحكم عملية الانتخاب في جميع مراحلها بما فيها عملية تقسيم الدوائر واستخراج النتائج.

واخطر ما يواجه مخرجات لجنة الحوار انها ربطت بمصير مجلس النواب الحالي, مما خلق قوة نيابية وشعبية رافضة او متوجسة من قانون الانتخاب, الذي سيفرض انتخابات مبكرة في نهاية العام او بداية العام المقبل على اكثر تعديل, وحجة الناخبين تنبع من "قرفهم" من الحملات الانتخابية والخروج الى الصناديق في غير موعدها, فهم ليسوا العوبة في يد هذا الطرف او ذاك.

لا يمكن اختصار الديمقراطية في قانون الانتخاب, فهذه عملية سياسية وليست فنية او قانونية, بل هي عملية متواصلة من البناء السياسي في المؤسسات وفي العقول ويجب ان لا تؤخذ على عجل من اجل ارضاء طرف غاضب او مقاطع, بل يجب النظر الى المستوى البعيد ولا القريب عند التخطيط لقانون انتخاب, فالمهم استعادة ثقة الناس في العملية الانتخابية التي ثلمت منذ 1993 .

اما الخوف من سيطرة الحركة الاسلامية او الديمغرافيا على مجلس النواب, فهذه قضية يمكن معالجتها, لكن ضمن خطة بعيدة المدى, فالحركة الاسلامية حركة وطنية ونافذة في الشارع لا يمكن تجاهلها, بل الاصل ان يتم التفاهم معها على اسس وطنية واضحة ترسم خطوطا لكل الاطراف, والديمغرافيا ايضا لها حدود ولها ارتباطات خارجية في قضايا المنطقة لا يمكن حسمها اليوم بالمفهوم العددي او المحاصصة.

وفي المقابل; يجب ان لا نقع تحت ضغط الانتخابات المبكرة وندور في حلقة جديدة بالانتقال من قانون انتخاب الى اخر قد يولد مشاكل لا تقل سوءا عن مشاكل القانون الحالي, ويجب ان لا نندفع بالاستعجال من اجل تطبيق القانون الجديد لحل اشكالية موقف بعض القوى السياسية من المجلس النيابي, التي لم ترضها المبادىء التي وضعتها لجنة الحوار, بل يجب ان ينصب التفكير حول كيفية تهيئة الحياة السياسية وتهيئة القواعد الانتخابية لتقبل القانون وفهمه واستيعابه وهذا يحتاج الى وقت كاف, فالقانون يوضع لخدمة الناس ورضاهم وهذا هو الاهم.

غدا ساتحدث عن هواجس في القانون الجديد.