قانون الانتخابات على أي مطبخ ؟

 قانون الانتخابات على أي مطبخ ؟
الرابط المختصر

لا يكاد يمر أسبوع إلا ونقرأ أو نسمع خبرا أن موعد الإنتخابات النيابية وقانون اللامركزية لا بد صائران في الموعد المحدد مسبقا وأنه سيسبق ذلك بالتأكيد قانون الإنتخاب المعدل والعصري والمناسب.

وبالرغم من عدم اقتناعي المطلق بالموعد إلا أنني سأسلم به لحظيا تجنبا لتكرار الحديث عنه.

ما يعنيني في النقاش هو أين يطبخ مثل هذا القانون! هل يطبخ في مطبخ صيني أم هندي أم على الطريقة المغربية أم اليونانية؟ من هم المدعوون يا ترى وهل تم إحضار قائمة الطعام لهم ليختاروا نوع الطبخة أو على الأقل المطبخ؟ أنا مثلا ومثلي 99% من الأردنيين لا يحبون السوتشي الياباني فماذا لو كان الطبق الرئيس على المائدة هو طبق السوتشي فهل سيكون علينا نحن الأردنيون جميعا أن نأكل منه حتى لو كان هو العشاء الأخير؟ للعلم فالسوتشي هو الطبق المفضل لمن أرصدتهم النقدية فوق المليون أما من هم أدنى من ذلك فلا داعي لأن تسألوا ولا تدوخوا أنفسكم بالتساؤل عنه.

إن أبسط أمور الطعام أن يستشار الآكل عن نوع الطبخة التي يحبها فبعضنا لا يحب السمك وآخرون لا يحبون الطيور وقليلون نباتيون لا يأكلون اللحوم، أفلا يكون من حقنا ونحن سنأكل ديموقراطيا من نفس الصنف لمدة أربع سنوات متتالية ألا يكون من حقنا أن نعرف أين يطبخ قانوننا الذي سنأكل منه؟ لم نسمع عن أحزاب أستشيرت ولا ندوات أقيمت ولا استفتاءات أجريت ولا محاضرات عقدت. كل ما عرفناه ونعرفه في كل يوم هو أن إنتظروا ما هو آت.

غريب أمر هذا القانون السري الذي لا تصدر عنه حتى تسريبات. هل يقنعني أحد أن هذه الحكومة بالذات بعينها وبأشخاصها هم من كانوا يملكون الحل السحري وأنهم ما أتوا إلى هذا المنصب إلا لأن نص القانون وسر الطبخة ومكوناتها كان في جعبتهم وقد سهروا عليها الليالي الطوال بعد أن درسوها منذ طفولتهم في جامعات على أعلى المستويات وناقشوها في محافل سرية غاية في العبقرية والدهاء ثم اتفقوا على نصوصها وموادها وها هم أتوا بهذه الطبخة القانون وما بقي إلا أمور الطباعة والتسميات وبعض الهمزات واللمزات والتدقيق اللغوي ليخرج لنا القانون من المطبخ مطهوا مبهرا مطيبا مزينا بما يلزم حتى أنه روعي فيه أن يكون مناسبا لأجهزتنا الهضمية ومعداتنا جميعا فلا نشكو من عسر هضم من بعده ولا نتقزز من طعمه. ما هو الخطر في أن نعرف ولو على وجه التقريب ما هي الأسس التي سيكون عليها هذا القانون؟ ما الذي تخشى منه الحكومة إن أعلنت عن بوادره؟ كم شخصا على غاية الأهمية يعرف قليلا أو كثيرا عنه؟ هل المسألة محصورة في مجلس الوزراء أم في مجلس مستشارين لا نعرفهم أم في دوائر سياسية معينة وهل الأعيان منهم وهم أشد تكتما ونحن كالبلهاء لا نعرف شيئا.

لماذا يجب أن يبدو الأمر كالماء الذي يسري تحتنا لا نحس به إلا بعد أن يبللنا؟ لماذا يجب أن نشعر وكأننا نطلب قانونا يصل إلينا بالتلفون ( ديلفري ) فما أن يأتينا إلا ويكون الجوع قد أخذ منا وعصافير بطننا تزقزق فنأكل ما أتانا ولا ! حول لنا ولا قوة فالوقت قد مضى ولا مجال لإعداد أية وجبة أخرى ولا لعمل أي طلبية ( أوردر ) أخرى اللهم إلا أن نتساءل عمن دفع الثمن! سيعجبكم أو لم يعجبكم أكلتموه أو لم تأكلوه سواء أضربتم عنه أو لم تضربوا فكله سيان لدى الحكومة والمسؤولين.

ما سيأتون به إليكم هو ما عجزت عنه الأوائل وهو الخبر اليقين. وبالمختصر المفيد هو أشبه بالجواب عن الروح، قل يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي. سمعنا وأطعنا ربي سبحانك ما أعظم شانك لا إله إلا أنت.

أضف تعليقك