فوضى المشاورات.. فشل على الأبواب
التحدي أكبر من قدرة الكتل النيابية على التحمل؛ اجتازت من قبل امتحان انتخابات رئاسة المجلس، وتشكيل اللجان بالتوافق.
سجلت بعض الخسائر، لكنها تبقى محدودة مقارنة مع ما يحصل حاليا من حالة تشرذم، تنذر بفشل الرهانات على تجربة الحكومات البرلمانية قبل أن تولد.
بمجرد أن بدأت المشاورات لاختيار رئيس وزراء جديد يمثل الأغلبية النيابية، ظهرت بوادر الارتباك على معظم الكتل؛ سارت إلى قصر بسمان وعادت بدون أن تقدم تصورا واضحا لشكل الحكومة الجديدة أو هوية رئيسها، ودخلت في سجال طويل حول مشاركة النواب في الوزارة، وانقسمت الأغلبية بين مؤيد ومعارض: حكومة نصف نيابية، رئيس من المجلس أم من خارجه.
وهكذا استمر الجدل، فيما الاستحقاق الدستوري يدق الأبواب.
غامرت بعض الكتل بالتصويت على اختيار مرشحها لرئاسة الحكومة، فاختلف الأعضاء فيما بينهم على توجه الأغلبية.
من الناحية العددية، هناك تجمع يقترب من الأغلبية يدعم ترشيح رئيس الوزراء الحالي عبدالله النسور لتشكيل الحكومة.
لكنها أغلبية شكلية في الواقع، يمكن أن تنقلب إلى الضد في اليوم التالي. فالكتل منقسمة على نفسها، والائتلاف النيابي مجرد أغلبية متحركة، تغرق في خلافات مكوناتها الكتلوية.
قد تفضي الجهود في نهاية هذا الأسبوع، أو مع بداية الأسبوع المقبل، إلى تأمين أغلبية لمرشح الرئاسة.
لكن عندما ننتهي من مشاورات التكليف، ونبدأ بمشاورات التشكيل، لا يستطيع أحد أن يراهن على تماسك الأغلبية التي دعمت ترشيح الرئيس المكلف.
فالخلافات المؤكدة على أسماء الوزراء وترشيحات الكتل وحصصها من الحقائب الوزارية، كفيلة بتفسيخ الأغلبية الهشة، والإجهاز على عدد من الكتل النيابية الرخوة.
بمداخلات من أطراف رسمية، ستتم تسوية الخلافات على توزيع المناصب الوزارية؛ بمعنى آخر، ستولد أول حكومة برلمانية ولو من الناحية الشكلية.
لكن ذلك لن يضمن الوصول إلى الهدف المنشود؛ حكومة مستقرة تستمر أربع سنوات.
الأغلبية التي تستند إليها الحكومة ستكون من طينة الكتل النيابية التي تشكلت منها؛ هشة وغير متماسكة، وستنفرط من حول الحكومة عند أول منعطف.
ربما يحدث ذلك بعد شهر على تشكيل الحكومة أو بعد سنة، ولأبسط الأسباب. باختصار، نحن أمام حكومة على شاكلة الحكومات السابقة.
ماذا لو أخذ النواب باقتراح النائب جميل النمري الذي يقضي برفع أسماء كل من صوت لهم النواب ليُختار من بينهم رئيس الوزراء، نظرا لانعدام الأغلبية الحقيقية حول مرشح واحد؟
اقتراح كهذا يشكل مخرجا من المأزق، وينقذ الكتل النيابية من وضع حرج.
لكنه لن يغير من النتيجة في شيء.
والنتيجة، ببساطة، أنه وبدون كتل نيابية تقوم على أساس حزبي أو نواتها من الأحزاب، لن نتمكن من تطوير الحياة البرلمانية، أو نغير آلية تشكيل الحكومات وأسلوب ممارسة الحكم في البلاد.
اليوم، ونحن في غمرة البحث عن رئيس وزراء وحكومة برلمانية، نتحسس المخاطر المترتبة على إجراء الانتخابات وفق قانون لا يضمن الحد الأدنى لعملية الإصلاح السياسي المنشود.
الغد