اعتقد بانه لم يعد مناسبا اشهار فزاعة نشاط المسيسين او السياسيين في النقابات العمالية كلما دعت الحاجة لذلك بالنسبة للبعض واخفاؤها عندما تنتفي هذه الحاجة في قضية اخرى.
من المعروف ان اكتاف السياسيين هي التي حملت النقابات العمالية الاردنية والعربية ايضا في بدايات تأسيسها, وفي الاردن بقي هؤلاء يحملون مع غيرهم من النقابيين همومها ويقدمون لها التضحيات حتى انبلج فجر الحرية وسقطت الاحكام العرفية عام 1989 وظهر عهد جديد له مواصفاته الخاصة تميز بظهور اجيال جديدة من النقابيين ومفاهيم جديدة في العمل النقابي, كما هي الحال بالنسبة للعمل السياسي والحزبي.
على ان هذا شيء وما تنجر اليه الان قرارات بعض الاحزاب السياسية التي ساهمت في نشأة وتطور النقابات العمالية شيء آخر فهذه الاحزاب تقبل الان بان تلبي دعوة من يطلبون فزعتها في مواجهة خصوم نقابيين بغض النظر عن اسباب هذه الخصومة وحتى مكونات اطرافها ومن دون ان تراجع صحة او حقيقة الشعارات التي ترددها »اي الاحزاب« ورأى هؤلاء كم هي قريبة او بعيدة عن معايير الديمقراطية النقابية او معايير العمل الدولية والتشريعات المحلية التي تتعامل مع قضايا النقابات العمالية وهي لا تعلم وتلك مصيبة او تعلم وتلك مصيبة اكبر قد تنقلب في لحظة واحدة ضد السياسة والمسيسين الذين يناضلون فعليا في النقابات العمالية وهم في الواقع العملي اما جزء من القيادات السياسية او على الاقل رديف لها.
العمل الحزبي او السياسي لم يكن عارا في يوم من الايام, بل كان مصدر عز وفخار ووساما على جبين من يمارسونه منذ بداية ظهور الاحزاب السياسية ومن بعدها النقابات العمالية حتى الان ومن سوء حظ من يستعملونه فزاعة ووسيلة لدعم مطالبهم او اهدافهم من حين الى آخر. ان جلالة الملك وفي اكثر من مناسبة اكد ان العمل الحزبي جزء رئيسي من العملية السياسية في البلاد معطيا بذلك اشارة واضحة ليس الى جماهير الشعب لممارسة دورها وحقها في هذا المجال, بل كذلك لمن لم يستوعبوا الحقائق الواضحة حتى الان وذلك للتوقف عن اشهار هذه الفزاعة القميئة او اخفائها حسب الحاجة. الصراع على الخدمة العامة يجب ان يستند الى مصالح النقابات بشكل عام واعضائها بشكل خاص, وفي سياق ذلك يمكن أو لا يمكن للمسيسين عن قناعات حقيقية الا ان يكونوا عنصرا فاعلا وايجابيا في الحراك النقابي والسياسي ايضا.
العمل النقابي الان ليس في الاردن فقط, بل في كل انحاء الوطن العربي يتعرض كما العمل السياسي وكما انظمة الحكم ايضا الى هزات قد تحدث فيه وفيها تغييرات عميقة وجذرية وقد سقطت الانظمة في مصر وتونس نتيجة ذلك, ولا احد يعترض على مثل هذه النتائج سواء كان ذلك بالنسبة للحكام او الاحزاب او النقابات شريطة ان تتم اللعبة ويجري الحراك بطريقة ديمقراطية اولا وبعيدا عن اساليب الفهلوة من اجل تحقيق حضور او كسب جماهيري مؤقت.
العرب اليوم