فريق وزاري برسم التعديل
للوهلة الأولى يبدو أن الانسجام بين فريق حكومة الدكتور عبد الله النسور الثانية سيكون بالحدود الدنيا، والحكم منطلق من خلفيات الوزراء، وطبيعة العلاقات التي تربطهم ما قبل الدخول في الحكومة.الحكومة الثانية للدكتور النسور لن تختلف في هذا المجال عن الأولى، التي شهدت خلافات وتجاذبات بين أعضاء فريقها، وشدّا وجذبا ساهما بتأخير وإضعاف قدرة الفريق على التقدم بشكل أسرع في تنفيذ خطط العمل، وما حدث في إدارة ملف المنح الخليجية دليل على ذلك.الاستهلال لا يبدو طيبا، وردود الفعل الشعبية على أول حكومة، كان يفترض أن تكون برلمانية، غير مشجعة، وثمة رأي عام بات يؤمن أن فكرة الحكومة البرلمانية أفرغت من مضمونها، بعد أشهر من العمل على تطبيقها.
التوقعات والطموحات كانت تتحدث عن حكومة لأربع السنوات، لكن يمكن التكهن من الأسماء المشاركة في الحكومة أن عمرها لن يطول، خصوصا أن الرئيس رشّق حكومته لدرجة جعلته يحمّل الوزير ثلاث حقائب مثلا، وفي ذلك رسالة مباشرة للنواب.
رسالة التطمينات التي بعثها النسور للنواب، مفادها إبقاء الباب مواربا لتوزيرهم في المستقبل، فتكليف الوزراء بأكثر من حقيبة إنما هو السبيل لذلك، إذ ما الذي يمنع أن تعدّل الحكومة بعد عدة أشهر، لتخفيف حمل الوزراء من حقائب زائدة، وتحميلها للنواب.
التبعات التي تنطوي على هذه الخطوة تتعلق بكيفية إدارة العمل بصورة أفضل، خصوصا أن تجربة النسور في حكومته الأولى بهذا الخصوص لم تكن موفقة، وحمّلت الوزراء أكثر من طاقتهم، ما انعكس سلبا على مستوى الأداء. الظاهر أن علاقة الحكومة بالنواب ستكون متوترة، فرئيس الوزراء استجاب لمطالب النواب بأقل حد ممكن، فأسقط من حساباته فكرة توزيرهم، وأبقى على وزير الخارجية ناصر جودة، فيما تخلى عن وزيري التخطيط جعفر حسان والنقل علاء البطاينة.الرئيس أيضا لم يأخذ بعين الاعتبار قوائم الأسماء التي قدمها النواب بهدف توزير شخصيات محسوبة عليهم؛ إذ جاءت التشكيلة لتستجيب في مطالب صغيرة مثل: خروج وزراء بعينهم من الحكومة، وترشيق الحكومة، وهو ما ينسجم مع قناعات الرئيس وتوجهاته بعيدا عن مطالب ممثلي الشعب.حكومات كثيرة جاءت ورحلت دون أن تحدث فرقا، وقليل منها غادر دون ان يتسبب بخيبات أمل جديدة، وهذه المرة لا تبدو مختلفة، خصوصا أن تجربة الحكومات البرلمانية التي انشغل عليها لأكثر من شهرين، لم تخرج من التجربة إلا باسمها فقط، فيما أفرغت الفكرة من مضمونها وهدفها.
أمام النسور وفريقه، وفي ظل هذه العلاقات الشائكة، ملفات ساخنة ستبقى هي التحدي الحقيقي أمام الشارع، تحديدا الاقتصادية منها، الذي لن يمهل النسور وفريقه طويلا حتى يبدأ بإصدار الأحكام، والنجاح ضمن تركيبة الحكومة، وعلاقتها مع مجلس النواب، مسألة لا تبدو سهلة أبدا.
عندما شكل الرئيس حكومته الأولى، قلنا إن الرئيس بطعم المعارضة، اليوم وبعد أربعة أشهر من الجلوس في الدوار الرابع، فقد الرئيس هذه النكهة وصار كغيره من الرؤساء يشكل حكومات بشكل تقليدي، باستثناء بعض وزراء التكنوقراط الذين ألحقهم بفريقه، ونتمنى أن يضيفوا شيئا للحكومة، ومسيرة الإصلاح في البلد.في ظل هذه التوقعات، وغياب الرؤية المتكاملة، والعمل بشكل منفرد ووفق معطيات قديمة وتقليدية، هل من الممكن ان نتجنب خيبات أمل جديدة؟
الغد