عندما تكون روايات الأمن العام مربكة

عندما تكون روايات الأمن العام مربكة
الرابط المختصر

من يعتقد أن الحراك الشعبي ليس سلميا فهو واهم ومغرض في نفس الوقت، ويسعى إلى تحقيق أمانيه وأحلامه في تحويل تعاطف الشارع مع حالة الحراك إلى حالة احتقان وتجييش ضد هذا الحراك السلمي، ولعل رواية الأمن العام حول إصابة فرد من أفراد البحث الجنائي في الطفيلة تندرج ضمن هذا السياق الذي لا يخدم مصلحة البلد.

عدة روايات تم سردها من قبل الأمن العام وكل رواية تدحض  سابقتها، فمن طعن في الرقبة الشرطي إلى طعن في القدم إلى محاولة اختطاف الشرطي لمقايضته بالمعتقلين من شباب الحراك الشعبي في الطفيلة!

كلها روايات ليست دقيقة والهدف منها التمهيد لحملة جديدة من الاعتقالات، وكذلك زرع ثقافة الخوف من أن "الحراكيين" ليسوا إلا مجموعة من البلطجية،  الذين يجب زجهم في السجون لأنهم باختصار شديد يريدون تعكير صفو الأمن، هذا الصفو الذي يعكره من يفكر بهذه العقلية "التآمرية"على الوطن.

ويغيب عمن يرسم مثل هذه السيناريوهات أن ما يحدث على أرض الواقع يكذب مثل هذا الأسلوب المرتبك في طبيعة إخراجه ليطلع عليه الجمهور المتلهف لمعرفة الحقيقة.

الكل يعرف أنه في حراك الجنوب تسير المسيرات بدون وجود أي رجل بزيه الأمني المعروف للجميع، والذي نحترمه ونقدره ونعي حجم المهمة الكبيرة التي يقوم بها للحفاظ على الأمن، ولذلك إيجابية من ناحية أن الذين يسيرون في المسيرات حريصون على عدم كسر كاسة ماء، ولكن رواية الأمن العام حول ما حدث في الطفيلة شبيهة برواية اعتقال شباب الحراك، والادعاء بأنهم من مثيري الشغب، وهم عكس ذلك تماما والتهم التي وجهت لهم تتعلق بإطالة اللسان وليست اثارة الشغب كما يدعون.

لم نعد نفهم سر هذا التحول نحو الإخراج الدرامي الجديد لصورة الحراك السلمي، الذي يصر على سلميته رغم كل ما يفترى عليه.

ما يحدث من قلب الحقائق رأسا على عقب، يؤدي الى نتائج عكسية يدفع ثمنها الوطن كله، ومن باب الحرص على أردننا العزيز، والمضي به نحو شاطئ الأمان يستحق منا عدم التهور بما ينشر من مخالفات لطبيعة الأحداث، لا ننكر أنه تم ضرب الشرطي الذي كان يلبس زيا مدنيا ويحمل مسدسا، ولكن لم تعطنا رواية الأمن العام الحقيقة كلها بل شكلتها بحسب ما يخدم مصلحة التحشيد ضد الحراك في الطفيلة وفي الأردن كله، ولم تشر الرواية إلى أن الشباب المشاركين في المسيرة هم الذين انتشلوه من بين أيدي من ضربه!

هذا الأسلوب في التعامل مع الأحداث يصعد الأمور ولا يساهم في حلها، ويخدم أجندات من يسعى لوقف حركة الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد، ويعيد إنتاج مرحلة قد رحلت لا يمكن بأي حال من الأحوال العودة إليها، ويربك الناس ويخلق حالة من الاحتقان الاجتماعي تكلف الكثير

الغد