ضربتان موجعتان للرئيس!

ضربتان موجعتان للرئيس!
الرابط المختصر

في غضون أيّام قليلة، تلقّى رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، ضربتين متتاليتين. وهما إن لم تكونا قاضيتين، كما حدث مع رؤساء سابقين، إلاّ أنّهما موجعتان!

الضربة الأولى، تمثّلت في تصريحات الرئيس لشبكة "بي. بي. سي"، عندما أعلن تأييد الأردن لضربة "محدودة" لسورية في حال ثبت استخدام النظام للأسلحة الكيماوية.

وهو التصريح الذي استفزّ التيارات القومية واليسارية، ومعها النخبة المحافظة، وشكّل "سابقة" في الخطاب الدبلوماسي الأردني، بأن يتحدث رئيس وزراء أردني عن تأييد توجيه ضربة لـ"نظام عربي".

ثمة أكثر من قراءة لما وراء هذه الرسالة، أبرزها أنّها موجّهة لدعم جهود الإدارة الأميركية في معركتها الصعبة مع الرأي العام الأميركي والكونغرس هناك، للحصول على تفويض بالضربة العسكرية، في وقت تُظهر المؤشّرات عدم وجود ميل لدى الأوساط الأميركية لذلك؛ فكررت الإدارة استخدام مصطلح الأمن القومي الأميركي، بما يتضمنه من "أصدقاء" أميركا في المنطقة، مثل الأردن وتركيا وإسرائيل، ما كان يدفع بضرورة إرسال ما يؤكّد هذه "الدعوى" ويعزّزها.

لكن يبدو أنّ "الجرعة" التي قدّمها النسور في تصريحاته كانت أكبر بكثير مما هو مطلوب، فجاءت بنتائج عكسية داخلياً، وإقليمياً مع النظام السوري الذي بدأ بشنّ حملة إعلامية على الأردن.

فخرج الرئيس في اليوم التالي، في مقابلة على تلفزيون الحكومة (فيما يبدو أنّه مدفوع بتوصيات مراكز القرار) للتأكيد على أنّ الأردن لن يكون شريكاً في أيّ هجوم على سورية، وهي مقابلة لم تنفِ المقابلة السابقة، بقدر ما حاولت صيانة الحرص الأردني على عدم الاشتباك مع النظام السوري، غير أنّها بدت وكأنّ الرئيس يستدرك على مقابلته السابقة.

بالضرورة، الشارع المحلي لا ينتظر التصريحات الرسمية ليعرف الموقف الأردني، فلديه من التقارير والتسريبات الغربية والمؤشرات الواقعية، ما يجعله قادراً على تكوين تصوّر دقيق عن طبيعة الموقف الأردني ودهاليزه؛ فضلاً عن أنّ هنالك انقساماً داخلياً كبيراً حول الضربة العسكرية.

لكن المقابلة الثانية (عبر تلفزيون الحكومة)، بإخراجها الفني البائس والسطحي، قدّمت الرئيس في صورة من يتخبط في تصريحاته، بدلاً من تقديم مقابلة موازية دقيقة عميقة مع الإعلام المحلي، توضّح التفاصيل كافة.

المفارقة الأخرى، أنّ نتيجة هذه المقابلات التي استفزّت النواب، تمثّلت في الجلسة غير الرسمية لمجلس النواب أمس، مع الرئيس، لتوضيح الموقف الأردني.

وبدلاً من استدعاء الإعلام المحلي، واستثمار ذلك لتوضيح الموقف، كانت الجلسة مغلقة، مع أنّها ستتسرب بالضرورة إلى الإعلام بعد ساعات من عقدها، بدون التركيز على ما تريد الحكومة إبرازه، بل بحسب ما يفهمه النواب أو يرغبونه!

أمّا الضربة الثانية للرئيس، فتتمثل في تعيين أمين عمان الجديد، عقل بلتاجي. إذ تمّ تبليغ الرجل بالموقع الجديد، قبل قرابة أسبوع، من قبل أطراف في "الدولة".

ثم سرّبت أوساط الحكومة أنّه لا يحمل شهادة جامعية، مما يتنافى مع المتطلبات القانونية للموقع (وفق أحد الاجتهادات القانونية).

وهي تسريبات تعكس عدم رضا الرئيس عن تسمية بلتاجي لهذا الموقع، مع عدم رغبته في إعلان هذا الموقف بصورة واضحة!

ثم أشارت الأخبار والتسريبات أنّ شخصية أخرى تمّ تبليغها بتسميتها للموقع، قبل أن تنتهي جلسة الأحد (أول من أمس) من دون تسمية "الأمين"، ثم يعود مجلس الوزراء للانعقاد مساءً (في اليوم نفسه) ليعلن بلتاجي "عمدة" للعاصمة؛ ما يوحي لدى أغلب المراقبين والنخبة السياسية بضربة مؤلمة للرئيس أمام النخبة السياسية والمراقبين!

ربما لن تؤثّر هاتان الضربتان بالضرورة على مصير الحكومة، لكنّهما تزيدان من تكسير مكانة الرئيس أمام الرأي العام.

والأهم من هذا وذاك أنهما تؤكّدان انعدام أي نوع من الشفافية بين الحكومة والشارع.

الغد