ضرائب جديدة تخفض الأسعار:هل تصدقون؟

ضرائب جديدة تخفض الأسعار:هل تصدقون؟
الرابط المختصر

مصلحة الحكومة في قول الحقيقة للناس والابتعاد عن اساليب التضليل الاعلامي

الدول الاوروبية التي عانت من تبعات الازمة العالمية واجهت شعوبها بالحقيقة, سمّت الأشياء باسمائها, لم تقل عن رفع الضرائب وتخفيض الرواتب بأنها »حماية للفئات الفقيرة أو توسيع قاعدة الطبقة الوسطى«. قالت انها اجراءات تقشفية لانقاذ الاقتصاد من الانهيار وبسطت كل المعلومات امام الرأي العام.

وقبل اقرار السياسات التقشفية خاضت الحكومات حوارا شاقا مع الاحزاب والنقابات والقوى الاقتصادية, ومن تَمَسَّك بمعارضتها نزل الى الشوارع ليعبر عن موقفه.

الحكومة اعلنت منذ يومين ما سمته »برنامجا وطنيا للاصلاح المالي والاقتصادي والمجتمعي«. على حد علمنا في الصحافة, البرنامج العتيد لم يحظ بأي نقاش وطني, فلا الأحزاب والنقابات العمالية والمهنية سمعت به, ولا المؤسسات المحسوبة على الدولة.

البرنامج لا يتضمن أي جديد سوى زيادة الضرائب على المشتقات النفطية وعدد من السلع والخدمات, اما الحديث عن زيادة دعم الخبز واسطوانة الغاز فهي أمور معروفة وسبق ان التزمت بها الحكومات في السنوات الاخيرة, اما ما تبقى من شروحات مطولة عن »توسيع الطبقة الوسطى« وتخفيض البطالة -وتشجيع الاستثمار, فما هي الا شعارات مكررة لم يظهر في البرنامج أي خطة لتنفيذها.

وفي مسعى من الحكومة لتمرير »البرنامج« من دون انتقادات اختارت لاعلانه توقيتا يتزامن مع اعلان تخفيض اسعار المحروقات هذا الشهر بعد انخفاض اسعارها عالميا للايحاء للرأي العام بأن الاسعار تنخفض رغم زيادة الضرائب في سابقة لم تحصل في أي بلد!

غير ان تزامن التطورين كان فرصة لاكتشاف ضريبة مقدارها 10 بالمئة على البنزين كان المواطن يدفعها من دون ان يعلم.

والأدهى ان الحكومة الحالية هي الاخرى تقول ان هذا »الهامش« لم تكن تعرف به الا عندما قررت رفع الضريبة الى 18% فتبين انها تتقاضى اكثر من نصف هذه النسبة منذ سنة ونصف السنة من غير ان تعلم!.

يا الله!! كيف لمغفل ان يصدق هذه الرواية? ثم اذا كانت الحكومة لا تعرف انها تتقاضى ضريبة, فهل تعلم اين تذهب عوائدها?.

البرنامج الحكومي »انطلق« الان ولا نريد له ان يتعثر, ونشارك وزير المالية الأمل بان ينخفض العجز نصف مليار دينار نهاية العام الجاري.

لكن ما نأمله من الحكومة هو ان تلتزم مبادئ الشفافية والصراحة التي ادعت تبنيها في معالجة كل صغيرة وكبيرة تخص الشأن العام فمن حقها ان تدافع عن برنامجها وسياساتها, لكن من دون اللجوء الى خطاب تضليلي يجعل الأسود ابيض والأبيض أسود, وحشد وسائل اعلام لخداع الناس وقلب الحقائق. ارحموا مدونة السلوك الاعلامي التي اطلقتموها.