ضحايا حرب تغيّب المعلومة والمواطن

ضحايا حرب تغيّب المعلومة والمواطن
الرابط المختصر

رغم تخوفات البعض من منزلقات الحروب عبر مشاركة الأردن، في التحالف الدولي، ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن المملكة لا تعدّ في حالة حرب رسمية.

غياب الملك، صاحب الاختصاص الحصري بإعلان الحرب والتوقيع على معاهدات السلم، عن أرض الوطن لحظة بدء الغارات على سوريا، والتفهم السوري للهجوم على داعش جنّب الدولة ضرورة الإعلان عن الحرب.

لسنا في حالة حرب إلا أن المثل العالمي القائل إن الحقيقة هي أول ضحايا الحروب ينطبق علينا. قد لا نكون ضحايا معلومات كاذبة – على نحو متعمد - لكن غياب المعلومة وعدم إشراك الناس (وحتى مجلس الأمة) في قرارت الحرب والسلم شكلت بيئة خصبة جداً لسريان الإشاعات والتأويلات مما خلق بلبلة وخوف نحن في غنى عنهما.

قرار الدولة الأردنية بمشاركة سلاح الجو الأردني في غارات على دولة عربية شقيقة أوقعها بمشكلة نتيجة غياب أي معلومة أو نقاش أو تهيئة للشعب، وإن قام قائد التحالف الأمريكي "بإعلام" ممثل النظام السوري في الأمم المتحدة ببدء الهجوم على الأراضي السورية.

قد يقول قائل إن المادة 32 من الدستور الأردني حددت منصب الملك بـ"القائد الأعلى للقوات البرية والبحرية والجوية"، كما نصت المادة 33 فقرة 1 على أن "الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح"، غير أن الفقرة 2 من البند نفسه تنص على ضرورة الحصول على موافقة مجلس الأمة لأي أمر يتطلب صرف من خزينة الدولة.

وربما رآى آخرون أن التعديل الدستوري الأخير، الذي أقرّه مجلس الأمة بالأغلبية، أعطى للملك الحق الحصري بتعيين رئيس الأركان ومدير المخابرات خارج منظومة الإرادات الملكية، التي تتطلب توصية خطية من رئيس الوزراء، أي أن الحكومة ممثلة برئيسها ليست طرفاً في الأمور التي يشملها مواضيع أمنية استراتيجية.

الأمر هنا لا يتعلق بصلاحيات الملك، لكن ثمة ضرورة إلى إشراك المواطن من خلال مجلس الأمة لكي يكون أي عمل عسكري محصناً شعبياً وبرلمانياً.

لأيام قليلة سبقت الهجوم الجوي على مواقع داعش، كنّا نسمع من رئيس الوزراء تطمينات أن الأردن لن يشارك فعليا في التحالف، وستقتصر المشاركة على التنسيق والتعاون الاستخباراتي.

فماذا حدث إذا؟

هل رئيس الوزراء كان على علْم وخدع الشعب؟ أم لم يبلّغ بالهجوم وجرى تجاوزه في أخذ القرار المهم؟ وقد يكون التغيير جرى في الساعات الأخيرة تحت الضغوطات الأمريكية.

هل اتخذ القرار خارج  لجنة السياسات، وهي أعلى لجنة أردنية تضم الملك ورئيس الأركان ومدير المخابرات ورئيس الوزراء، أم هل استثني رئيس الوزراء من التشاور حول تلك القرارات؟

الهجوم لم يأت رد فعل سريع على اعتداء رغم أن هيئة الأركان أصدرت بيانات قبيل الهجوم تفيد بمحاولات جهات خارجية خرق الحدود البرية من العراق والبحرية قرب العقبة، إضافة إلى اكتشاف خلايا داعشية في داخل المملكة. قد يردّ البعض بالقول إن الهجوم كان استباقياً لحماية الوطن.

عدم خرق الدستور لا يلغي ضرورة مشاركة الشعب، فغياب الشفافية حوّل تحركاً عسكرياً روتينياً في عجلون، مثلاً، إلى قصة كبيرة حول اكتشافات وهمية لدفائن وذهب وغيرها من الجواهر، وخلق غياب الشفافية هواجس وتخوفات من أي تحرك أو حادث سير في سوق الصويفية أو تركيب هوائيات تحت مسمى صفارات الإنذار.

وشكل التخوف والفزع فرصة لمواقع إخبارية وأشخاص غير مؤهلين إعلاميا لخلق بلبلة من خلال نشر خبر خاطئ مفاده أن السفارة الأمريكية حذرت رعاياها من زيارة المولات، الأمر الذي يكذبه أي مواطن يزور موقع السفارة الالكتروني.

يتطلب الوضع الحالي مشاركة مستمرة وصادقة وشفافة مع المواطنين ومع مجلس الأمة لوضع الشعب في صورة ما يجري، ولتقليل الإشاعات والمشاركات الإعلامية غير المسؤولة التي يتلقفها المواطن الباحث بشغف عن أي معلومة حول ما يجري حوله وباسمه وتحت راية وطنه.

  • مدير عام شبكة الاعلام المجتمعي التي تدير راديو البلد وموقع عمان نت
أضف تعليقك