صوت دم هابيل يصرخ من ارض الشآم

صوت دم هابيل يصرخ من ارض الشآم
الرابط المختصر

في القديم، قال سليمان الحكيم "ويل لك أيتها الأرض إذا كان حاكمك ولدا، ورؤساؤك يأكلون في الصباح. طُوبَى لَكِ أَيَّتُهَا الأَرْضُ إِذَا كَانَ ملكك ابْنَ شُرَفَاءَ، وَرُؤَسَاؤُكِ يَأْكُلُونَ فِي الْوَقْتِ لِلْقُوَّةِ لاَ لِلسّكْرِ".

ويضيف الحكيم "ولد فقير وحكيم خير من حاكم جاهل، الذي لا يعرف أن يحذَّر بعد، لأنه من الرحم خرج إلى الحكم، والمولود حاكما قد يفتقر. رأيت كل الأحياء السائرين تحت الشمس مع الولد الثاني الذي يقوم عوضا عنه. فهذا أيضا باطل وقبض الريح".

والتاريخ يعيد نفسه اليوم، وصوت دم هابيل يصرخ من ارض الشآم، فتحضرني هنا كلمات نبي آخر "ويل لك أيها المخرِب وأنت لم تُخرَب، وأيها الناهب ولم ينهبوك. حين تنتهي من التخريب تُخرَب، وحين تفرغ من النهب ينهبونك... ويل لمن يبني بيته بغير عدل وعلاليه بغير حق، الذي يستخدم صاحبه مجانا ولا يعطيه أجرته. هل تملك لأنك أنت تحاذي الأرز؟ لأن عينيك وقلبك ليست إلا على خطفك، وعلى الدم الزكي لتسفكه، وعلى الاغتصاب والظلم لتعملهما، لذلك هكذا قال الرب: لا يندبونه قائلين: آه يا سيد او اه يا جلاله. بل يدفن دفن حمار مسحوبا ومطروحا بعيدا عن الأبواب".

نجتمع لرسم الهلال الخصيب ارضا وتربة وماء. ولا ننسى الدماء، فالأرض حتى "تتكلم عربي" ترتوي دماً وعرقا وماء. وفي الهيئة الأردنية لنصرة الشعب السوري، نمد ايدينا لإخوتنا السوريين، فنغيث المعيي بكلمة وماء، ومدرسة وإيواء، وبلسم وشفاء، علهم يصمدون صبر ساعة الى ان تأتي البشرى بأن رحل مصاص الدماء.

وهل انا موظف لدى الجماهير! هذا ما قاله بشار الأسد لوفد مصري طلب منه قبل سنتين اطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين السوريين لاسترضاء الجماهير وتعزيز شرعية النظام. بهذا المنطق، منطق الشعب الأجير عند الحاكم يتم تعذيب وقتل آلاف السوريين على يد اجهزة القمع والترويع، فأي بشارة هذه التي يرجع بها الأسد الى عائلته ليبشر بأنه قد التهم اشباله وسحق عظامهم!

هذه دعوة اوجهها لإخواننا المسيحيين في سوريا: لا تتقاعسوا عن الالتحاق بركب الثورة خوفا مما سيأتي. لا تدعوا الهواجس والفوبيا من الحركات الإسلامية المشاركة في الثورة تخسركم شرف الشهادة. بل ابنوا على ماضيكم المشرف في الحركات الثورية العربية، ودعوا التاريخ يسجل دوركم في حماية الديار.

نعم، يقول الكتاب المقدس: "فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْ تُقَامَ طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَار". ولكن الوحي يقول ايضا: "انقِذ المنقادين الى الموت و الممدودين للقتل لا تمنتع. ان قلت هوذا لم نعرف هذا افلا يفهم وازن القلوب و حافظ نفسك الا يعلم، فيرد على الانسان مثل عمله".

اما للصابرين، ففي كلمات السيد المسيح تعزية "روح السيد الرب علي، لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق، لأنادي بسنة مقبولة للرب، وبيوم انتقام لإلهنا، لأعزي كل النائحين".

لقد استبشرنا خيرا بتآلف قلوب المجاهدين من شرفاء المعارضة السورية بتشكيلهم المجلس الوطني السوري، فخاب ظن اصحاب الشماتة بأن لا توافق بينهم ولا فلاح، الا ان التحدي يكمن باستدامة الوحدة والثبات، وبعد تحقيق الهدف الأسمى يبقى الامتحان الأصعب وهو إحقاق العدالة الاجتماعية والحرية والشورى. فكم من ثورة آلت الى طغمة اسوأ من سابقتها وفوضى وطغيان.

لقد اختار النظام السوري الحل الأهون لديه وهو قتل شعبه، فالإصلاح ليس من شيم الحر، وهو وبال عليه ولا يتوافق مع فاقد الشرعية. اما الفرق بين الإثنين فهو مسألة وقت ليس الا، فصبرا يا اهلنا في الشام.. ما هي الا صبر اشهر قليلة حتى يطير "دَيُّوسُ الشام"، فنأتي الى هنا لا متظاهرين، بل لنبارك للسفير الجديد بسوريا الحرة.

"ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين. قل لا املك لنفسي ضَرّاً ولا نفعا الا ما شاء الله. لكل امة اجلُ اذا جاء اجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".

أضف تعليقك