سمك المصري وصنارة الإسرائيلي
تتصيد الصحافة الاسرائيلية "السمك" في كلام طاهر المصري رئيس مجلس الاعيان في حفل الاستقلال ، وتبدأ الصحف الاسرائيلية والمواقع الالكترونية ، بتحليل الكلام وماخلف الكلام.
طاهر المصري يقول في كلمته في حفل الاستقلال وعبراستعراض تاريخي ""وتنهض المملكة الاردنية الهاشمية بجناحيها على ضفتي النهر المقدس"وهي الجملة التي تولت جهات عدة تحليلها ، مما يضطر طاهر المصري وهو قليل الكلام اساسا ان يخرج ويوضح عبر موقع "عمون" الالكتروني بنفيه انها دعوة لاعادة وحدة الضفتين.
يزيد المصري على الكلام ويقول "أن الجملة جاءت في سياق عرض تاريخي بدأ بالثورة العربية الكبرى وتكوين المملكة وعرج على النكبات وانتهى بوصف الأردن بالمعجزة" مشيرا الى اعتياد الاردن على الدس في الصحافة الاسرائيلية ، التي تستمتع بصيد السمك في بحيرة العلاقة الاردنية الفلسطينية.
داخليا تركت كلمته ردود فعل عديدة ، اذ وقف عندها كثير من السياسيين ، كما عولجت في تحليلات ومقالات هنا وهناك ، وكانت حاضرة في نقاشات عديدة ، ولعل تحميل الكلمة اكثر مما تحتمل كان ميزة اساسية ، والاستبصار السياسي لايصيب كثيرا في قراءة ماخلف الكلام ، لاننا احيانا نخلق اشباحا ونبدأ بمحاربتها.
الرجل لم يسّرب مشروعا مقبلا على الطريق ، ولم يرسم نبوءة ، ولم يبث دعوة شخصية تحت مظلة موقعه كرئيس لمجلس الاعيان ، الذي لايبقي له اساسا مجالا للاجتهاد الشخصي ، وتحويله الى منطوق عام ، وهو ايضا مارس الاستذكار لحقيقة الاردن العربية ، في سياق اجواء محمومة ، تشي بكل ماهو سلبي.
تعيين طاهر المصري رئيسا لمجلس الاعيان قوبل بارتياح عام ، وله شعبيته في كل مكان في المملكة وهو من السياسيين المحترمين رفيعي المستوى ، ويحظى دوما بنظرة خاصة لانه يحترم نفسه ، ولايمارس "التقية السياسية" وهو ايضا من رجال الدولة الذين واصلوا اخلاصهم للبلد وللعرش والناس.
الصحافة الاسرائيلية كعادتها تمارس هواية الصيد في ملف العلاقة الاردنية الفلسطينية ، وكل اسبوع تخرج علينا بقصة من هنا وهناك ، وهي تلوينات لاتستحق الرد ، لاننا نعرف مالذي يريده الاسرائيليون ، الذين باختصار يتلخص همهم بهدم المشروع الوطني الفلسطيني ، وخلخلة الاردن بهذه الحلول.
ربما سر اشارة المصري حول "وحدة الضفتين" يتعلق بكون كلامه ردا على اي كلام انعزالي يريد اثارة الكراهية بين الناس ، تحت اي عنوان ، وفي استدعاء التاريخ ، ممارسة مشروعة ، دون ان يكون الاستدعاء هنا يعني الدعوة للماضي ، لان المصري يعرف ببساطة اشتراطات موقعه على منطوقه امام الناس.
الإسرائيلي يصطاد دائما لأن هذه هي غريزته.