رأس المال السياسي في مؤتمرالشيوعي

رأس المال السياسي في مؤتمرالشيوعي
الرابط المختصر

إنعقدت يوم الجمعة السادس عشر من تموز جلسات المؤتمر العلني الخامس للحزب الشيوعي الأردني.، وبالمناسبة فإن هذا المؤتمر هو الأول الذي يشهد حالة إنتخابية منذ ما يزيد عن عشرة سنوات. على كل حال، فإن هذا المؤتمر هو محطة النهاية في تجربتي مع هذا الحزب الذي عملياً فقدت الأمل في المساهمة في تغييره، وهو يمارس دور جهاز الطرد المركزي يلقي بالمثقفين إلى الأطراف ويحتفظ في المركز بأشباه المثقفين و أشباه السياسيين و المتقاعدين.

بدأ المؤتمر بتقرير اللجنة المركزية الذي تضمن نشاطها خلال السنتين الماضيتين وكرست فيه التحركات االشبابية كسلع دعائية، فقد تحدث التقرير عن دور اللجنة المركزية في دعم حركة عمال المياومة،في الوقت الذي كان فيه التنسيق مع هذه الحركة قائماً على مبادرة شبابية بحتة التي عانت عراقيل اللجنة المركزية لمنع الإستمرار بهذا التحرك. أما فيما يتعلق بحركة عمال الموانئ فلم تكن المسألة بأحسن حال، ففي الوقت الذي بادرت فيه الشبيبة للمشاركة المباشرة في إعتصام العمال، كان رد الأمين العام شخصياً على ذلك هو الرفض، إلى أن قررت الشبيبة المشاركة وعلى نفقتها الخاصة، وشاركت في الإعتصام وتحدثت باسم حملة "لأ لرفع الأسعار" و باسم المكتب الشبابي للحزب، وعندما كان لذلك القرار الأثر الطيب ، أصدر الحزب في جريدته يتغنى بهذه المبادرة!!

ويجري الحديث بعد ذلك عن قرار اللجنة المركزية في تأسيس مكتب شبابي الذي عانى الشباب في المطالبة في تأسيسه، وبعد إنجازه يتم تكبيله بقيود بيروقراطية اللجنة المركزية والمكتب السياسي، فلم يكن المكتب الشبابي صاحب القرار في شيء، وقوبلت العديد من نشاطاته العادية السقوف بالرفض، وخلطت أوراقه بأوراق المنظمات الحزبية وتداخلت مهامهما.

خصصت ساعتان لنقاش تقرير اللجنة المركزية، ونظراً لضعف المادة المتوافرة العاجزة عن ملء هذا الحيز من الوقت، فقد تم دمج النقاش ليتضمن التقرير السياسي الذي تم توزيعه داخل قاعة المؤتمر!!

في هذه الجلسة عبر العديد من الرفاق عن إستهجانهم لعدم دعوة المناضل الشيوعي الكبير يعقوب زيادين، كما عبر العديد عن حرصهم على الحفاظ على وحدة الحزب حتى ولو كانت صورية وحتى لو كانت عل حساب نشاط الحزب ووضوح موقفه.

بعد إسترحة قصيرة تابع الأعضاء نقاشهم فيما يتعلق بالبرنامج السياسي، وكان هناك خلاف واضح حوا العديد من القضايا كالقضية الفلسطينية ، والوحدة العربية، والموقف من الإسلام السياسي، والموقف من لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة، والموقف من مشروع التنمية السياسية الكاذب، والموقف من قرارات الشرعية الدولية، والموقف من الحزب الشيوعي الإسرائيلي.

على كل حال، بعد أن أدلى كل بدلوه، وإنتهت المدة المخصصة لهذه الجلسة برزت الحاجة لتحديد موقف الحزب من هذه المسائل، ولكن ليس على أرضية التوافق المعتاد والوقوف في منتصف الطريق. فظهرت أصوات ، شبابية بالدرجة الأولى، تطالب بأخذ موقف من هذه المسائل داخل قاعة المؤتمر، وبالتصويت. بذلت محاولات جادة من شخوص القيادة القديمة لتعويم المسألة كالعادة، والإكتفاء بسماع الملاحظات دون نقاشها وإرجاء الحديث فيها للجنة المركزية القادمة التي بالتأكيد لن تفغل ذلك!!

لجأت رئاسة الجلسة إلى التصويت على الخيارين: إما تمديد الجلسة للنقاش الساسي والتصويت على المسائل الخلافية، وإما تأجياها للجنة المركزية القادمة للبت فيها.عند هذا الحدث كانت أولى لحظات الصدام، فقد قام أحد المؤيدين لخيار ارجاء النقاش برفع كلتا يديه مما يساعد على احتساب صوت اضافي،صدقاً في تلك اللحظة أني لم أتمالك أعصابي وتملكني الجنون، أي حزب شيوعي هذا يمارس أعضاءه هذا الشكل من البلطجة والسلوك التافه، والأدهى من ذلك أني عندما عارضت هذا السلوك ووصفته بالبلطجي، إندفع أحد الأعضاء القدامى للحزب ، ولا أقول الرفيق، إندفع لضربي بإعتبار هذا الوصف تجاوزاً لكل الحدود والخطوط الحمراء.

من المستهجن أن يكون أعضاء حزب شيوعي غير قادرين على النقاش وغير راغبين فيه، بل ويتخذ بعضهم موقفاً عدائياً من النقاش المطول في سبيل الوصول إلى نتائج. الأغلبية كانت مع تأجيل النقاش للجنة المركزية لأنها معنية فقط في إختتام المراسم الكرنفالية فقط والتصويت للقائمة التي تسلمتها.

في جلسة التقرير المالي والرقابة أتوقف عند ملاحظتين هامتين: الأولى هي عدم إكتمال أعضاء المكتب السياسي في أي إجتماع، والثانية والأهم هي أن الحزب يمتلك رصيداً مالياً لا بأس به، وما زال مصمماً على الإبقاء عليه لغايات مخصصات المتفرغين و إيجارات المقرات الثلاث. إذا كان الحزب قد قبل دخول الجو الديمقراطي المطرز على مذاق السلطة، وقد تخلى عن نمط نضاله الذي إتبعه في العمل السري، وقبل بالنمويل المقدم من السلطة، فغلى أقل تقدير كان الأجدر به أن يستثمر ذلك في رفع منسوب جمهوره من خلال إنشاء مؤسسات وسيطة تدعم ذلك.

جلسة الإنتخابات، الجلسة الأخيرة، يتم إختيار إعضاء لجنة الإشراف على الإنتخابات وبشق الأنفس يتمكن الشباب من الزج بأحد الرفاق ليكون عضواً فيها في الوقت الذي ظهر فيه تعنت القيادة إقفالها على أسماء معينة.

تبدأ اللجنة بتلاوة أسماء أعضاء المؤتمر الذين يحق لهم النصويت، وتحاول إقصاء بعض الرفاق ذوي التوجه المختلف بحجة عدم تسديد الإشتراكات ، وتطالبهم في الجلسة نفسها بتقديم وصولات التسديد، ولحسن الحظ والتحضير، فوت الشباب هذه الفرصة على اللجنة. بعد قراءة جميع الأسماء، لوحظ أن هناك عدد كبير من النساء اللواتي لم يظهرن في الحزب من قبل،ويمتلكن حق التصويت، ومن الواضح إرتباطهن بالسيدة ليلى نفاع في علاقات العمل. أضف إلى ذلك أعضاء كثر لا يحضرون من الحزب إلا مؤتمره ويشكلون ذحيرة تصويتية عشائرية عصبوية للقيادة ذاتها.

تم التصويت على العدد المطلوب لأعضاء اللجنة المركزية القادمة،تجلى التعنت الواضح للقيادة عند الرقم ثلاثون،لم تكن القيادة لتقبل ب 29 ولا حتى ب 31 ، فالقوائم كانت قد وزعت وأي إختلال في العدد يعني تشتيت الكتلة التصويتية الغائبة ذهنياً، إستلم كل واحد منهم واحدة من 3 قوائم أو أكثر، فيها أسماء ثابية وأخرى متحركة، الأسماء المتحركة كانت من نصيب أعضاء الشغيلة سابقاً، فقد كانت قيادة الكادر التاريخية حريصة على مرور هذه الأسماء حفاظاً غلى وحدة الحزب الصورية، وقد أصابت في ذلك، فلم يكن هناك من شيء يدفع بهذه الأسماء إلى الإستقالة سوى الخسارة، وللأسف هي قابلة للتعاطي مع ظروف داخل الحزب أسوأ من الخسارة نفسها. الآن ستعود لعبة أنصاف المواقف إلى المربع الأول، وسيستمر الحال كذلك لعامين آخرين، وهكذا دواليك.

قد ينطلق البعض إلى مهاجمتي، أنني إستقلت بحكم خسارتي في الإنتخابات التي حجب عني فيها في كامل قوائم قيادة الكادر، نعم ذلك صحيح، فمنذ إنتسابي لهذا الحزب وأنا أحاول الولوج مع رفاقي الشباب إلى مشروع قد يقلب مسار الحزب، ولكن بناءاً على مشاهدات المؤتمر... فلا وقت يمكن إضاعته في تخضير الأداة على حساب البدء في العمل نفسه.