حماية الأردن وحقوق الفلسطينين وبيان عبيدات

حماية الأردن وحقوق الفلسطينين وبيان عبيدات
الرابط المختصر

ما يسبق الإعلان الرسمي عن قانون الانتخابات يثير القلق أكثر مما هو متوقع، أو مما أفصح عنه في بنود القانون نفسه على شكل تسريبات، ويمكن القول إن حجم الهواجس عند المتابعين والمهتمين قد وصل إلى أعلى درجات التخوف، والرفض، والخشية، من أن يكون الأمر تكريساً على أرض الواقع لفرض حالة سياسية أردنية جديدة، تلغي مقومات نشوء الدولة، وما حدث لها في أعوام الأربعينات، والخمسينات، الذي كرس وحدة بين الأرض الفلسطينية وشعبها، وبين الأرض الأردنية وشعبها، لصالح تكوين كيان جديد يلغي هذه وتلك، لمصلحة مكون جديد، بهوية تؤسس للاعتراف بالإسرائيلي للأبد في المنطقة، ودون استعادة المقومات الأساسية العقائدية والجغرافية والتاريخية التي قامت عليها بالأساس الدولة، وحددت أساساً بهوية إسلامية، وشرعية عروبية على أنقاض الخلافة العثمانية، ونجني الآن خسارة كل ذلك، ونقف على مسافة قصيرة من فقدان أدنى مقومات المشروعية للاستمرار نحو أي أمر منها.

القلق والتخوف من قانون الانتخابات المنتظر دفع حتى الآن بالعديد من المهتمين إلى اتخاذ ما يرونه ملزماً من مواقف، وذلك عبر عديد من البيانات والمقالات والتصريحات، والأحاديث المتوالة في شتى الدواوين والصالونات.

وإذا كان لافتاً جداً ما صدر باسم اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين حيال الأمر، وما خلفه من اضافات في جوهر التعايش والاتحاد الوطني، ومثله مواقف شتى، وردود فعل، فإن البيان الذي يسعى إليه أحمد عبيدات رئيس الوزراء الأسبق، ويعمل على جمع التواقيع عليه من الشخصيات والنخب الوطنية يظل لافتاً أكثر ما يكون، وذلك كونه ينبع ويصدر من حالة وطنية عارفة، ومتصلة مع الواقع ومحركيه، من سياسيين وحزبيين ونخب وإعلاميين وغيرهم، إضافة لما يحظى به الرجل من وزن على المستوى العام.

في مشروع بيان أحمد عبيدات المطروح للتوقيع عليه الآن، نقطة أساسية واحدة، هي الفصل السابع من الميثاق الوطني الأردني، التي يعتبرها عبيدات في بيانه، المنطلق والأساس لأي حوار وطني حول العلاقة الأردنية الفلسطينية.

أما الفصل السابع هذا فإنه ينص على التالي: "إن حقائق العلاقة التاريخية والجغرافية بين الأردن وفلسطين خلال العصور، وانتماء الأردنيين والفلسطينيين القومي، وواقعهم الثقافي والحياتي في الحاضر والمستقبل، جعلت من هذه العلاقة حالة خالصة متميزة، تعززها طبيعة الروابط، وقوة الوشائج، وعمق المصالح المشتركة بينهما. مما يؤكد ضرورة استمرار هذه العلاقة وتمتينها، في مواجهة الخطر الصهيوني العنصري الاستعماري، الذي يهدد وجود أمتنا العربية وحضارتها ومقدساتها، ويستهدف الأردن مثلما استهدف فلسطين".

الفصل السابع هذا الذي يعتمده البيان، كحل لمسألة يعتقد عبيدات أنها البلسم للأمر، فيه كثير من الوجاهة، غير أن انحياز ما فيه من تكريس للقطرية العربية بشكل عام، دفع بعديدين للامتناع عن التوقيع عليه، طالما أنه يؤسس لهويات ضيقة من حيث الجوهر.

وأكثر منهم للتوقيع عليه، غير أن هدف البيان المحدد بخاتمته التي جاء فيها التأكيد على إصدار قانون انتخاب يوحد ولا يفرق، ويقدم الأردن للمنطقة والعالم وطناً ديمقراطياً لجميع أبنائه، إنما هو أمر يستحق العناية والتشجيع والتأييد، وإن كان ذلك لا ينبغي له أن يكون على حساب أي مقومات قومية وعقائدية.

كما أنه لا ينبغي قراءة بيان عبيدات كبديل في مواجهة بيان المتقاعدين، حيث الدعوة لقانون انتخابات موحد وجامع يواجه المشروع الصهيوني، مختلفة تماماً عن الدعوة التي تقود إلى ما هو أضيق ما يكون، من التقوقع على أساس مجرد هوية ضعيفة وملفوفة، ومهيأة للانفجار من أي صاعق.

على الحكومة صاحبة الولاية، أن تعي أن التجريب أو التحدي ليسا حلاً لما يجري على الأرض، كما أن الخضوع لإملاءات خارجية لن يغير من واقع حال الناس السياسي وعواطفهم المنجرفة من أجل فلسطين والمقدسات والهوية الوطنية الأردنية ومعها الفلسطينية، وأن المطلوب منها قانون سياسي للانتخابات يحمي الأردن، ولا يلغي حقوق الفلسطينيين هنا، وفي فلسطين التاريخية.