حكومة البخيت .. شعبية متواضعة أفضل من ثقة زائفة

حكومة البخيت .. شعبية متواضعة أفضل من ثقة زائفة
الرابط المختصر

(عينة) الاستطلاعات لا تغني عن معاينة اوجاع الناس .

تبدأ حكومة البخيت الثانية عهدها بشعبية متواضعة مقارنة مع الحكومات الاربع السابقة.

هذه الخلاصة التي انتهى اليها استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية كانت متوقعة لسببين رئيسيين:

الاول: تجربة حكومة البخيت الاولى التي ما زالت حاضرة في اذهان المواطنين والمراقبين, بسلبياتها وايجابياتها. والمؤكد ان اي رئىس وزراء سابق كُلف بتشكيل حكومة ثانية كان سيواجه وضعا مماثلا, لان حكم الرأي العام على الرئيس "المجرب" يكون اكثر واقعية منه على الرئيس الجديد.

الثاني: الظروف الاستثنائية التي تشكلت فيها حكومة البخيت الثانية والتي تزامنت مع حالة التغيير في العالم العربي وتحرك الشارع الاردني من اجل المطالبة بالاصلاحات التي تجاوز سقفها مستوى البرنامج الحكومي, ومن الطبيعي في مثل هذه الحال ان يتراجع مستوى التوقعات بعد ارتفاع سقف المطالب.

الشعبية المتواضعة في البداية ليست أمرا سيئا بالنسبة للحكومة وهي افضل من ان تبدأ بشعبية عالية سرعان ما تنهار بعد مرور مئة او مئتي يوم. والحال ينسحب ايضا على الثقة النيابية, ويكفي الاشارة هنا الى الحكومة السابقة التي حصلت في البداية على ثقة شعبية ونيابية عالية لكن وبعد اقل من شهرين اصبح رحيلها مطلبا شعبيا عاما.

حكومة البخيت تستهل عهدها بتوقعات تقل عن الستين بالمئة وهذا بحد ذاته ينبغي ان يتحول الى حافز للعمل لنيل ثقة الرأي العام, اذ سيكون بوسع الحكومة ان تُحدث فرقا لصالحها في النسب اذا ما ألتزمت ببرنامجها وسرّعت عملية الاصلاح واستجابت الى مطالب الناس, لكن السيناريو الأسوأ ليس بعيدا, فإذا ما تباطأت او تراجعت امام ضغوط قوى الشد العكسي, عندها ستنحدر شعبية الحكومة الى الحضيض وترحل بأسرع مما يتوقع احد.

ليس هناك مبرر واحد للفشل, فبرنامج الحكومة المعلن يلتقي ويتطابق مع اولويات المواطن الاردني, المواطن يريد تحسين اوضاعه الاقتصادية ومكافحة الفساد واصلاحات سياسية, واحترام حقه في التعبير, وابداء الرأي, ومواجهة المشكلات المزمنة بخطط وبرامج خلاقة وجريئة. وواجب الحكومة ترجمة هذه الاولويات الى واقع يلمسه الناس.

كما ان على الحكومة - وهذا قدرها - مواجهة الاوضاع الجديدة في العالم العربي وانعكاساتها على الاردن والاستعداد لتطوير الخطاب السياسي بما يتلاءم مع تطلعات الناس خاصة فيما يتعلق بالاصلاحات الدستورية مع اتساع دائرة المطالبين فيها.

ارقام استطلاعات الرأي العام لا تعكس دائما المزاج الشعبي بصورته الحقيقية, ثمة حاجة ماسة دائما لقياس الحس العام بأدوات ووسائل غير الارقام الصماء والاقتراب من نبض الشارع ومعاينة اوجاع الناس كي لا تتحول الى "دمامل" محتقنة تنفجر في وجوهنا, ساعتها لن يكون لآراء العينات المخبرية أي قيمة او معنى.

العرب اليوم

أضف تعليقك