حكومات لشراء الوقت!

حكومات لشراء الوقت!
الرابط المختصر

يتساءل الناس عن موعد رحيل حكومة د. عبدالله النسور.

البعض يرى أن ذلك سيكون بعد أربعة أشهر، فيما يرد آخرون بأنها ستبقى حتى نهاية العام. بالمحصلة، لا أحد يملك جوابا حاسما حول عمر الحكومة.

اليوم، وبعد إقرار رفع أسعار الكهرباء وتمريره من قبل النواب، تنفست الحكومة الصعداء، كونها تعرف أن الحديث عن مغادرة "الدوار الرابع" تأجّل؛ ما يعطيها بضعة أشهر أخرى إلى حين حلول العام الجديد، ومعاودة الحديث عن رفع جديد لأسعار الكهرباء، وفق الخطة الزمنية الموضوعة للتنفيذ.

مسؤول مهم يطرح سؤالا لا يبدو أنه ينتظر إجابة عنه؛ إذ يسأل دولته: هل ستبقى حكومة النسور الثانية أربع سنوات؟

السؤال الأكثر تداولا اليوم، وهو "متى سترحل الحكومة؟"، يعكس مدى الرضا عنها، ويكشف أيضا أن فكرة الحكومات طويلة العمر لم تدخل "عقل الناس"؛ فالحديث عن حكومة السنوات الأربع يبدو غير مقبول شعبيا ورسميا.

القصة لا تتعلق بالرئيس الحالي، بقدر ارتباطها بجدول الإصلاح المخطط، والقائم على تشكيل حكومات برلمانية تمتلك برنامج عمل قابلا للتطبيق على مدى 48 شهرا.

فكرة إطالة عمر الحكومات ليست جديدة، بل هي مطلب شعبي، لكن الظاهر أن الفكرة والظروف المواتية لها لم تنضجا بعد.

البقاء أربع سنوات فكرة مغرية لكل رئيس حكومة وفريقه، لكن الواضح أن الفكرة جاءت بدون مقومات تسندها وتجعلها قابلة للتطبيق.

فالحكومة الحالية لم تأت على أكتاف الناخبين، ومجلس النواب الذي رشح اسم الرئيس ليس حزبيا، ولا يملك برامج عمل يفرضها، ولو في جزء منها، على الحكومة.

والمجلس نفسه غير ممثل لجميع الأردنيين والقوى السياسية، ولم يستثمر الفرصة التي أعطيت له، رغم كل ما سبق، لتحسين صورته في أذهان المجتمع الذي ما يزال بدوره، للأسف، يظن "ولو انطباعيا" أن بعض النواب غير معنيين بمصالحه، إضافة إلى أن المجلس غير قادر على تطوير أدائه بحيث ينال رضا الشعب.

استقرار الحكومة وضمان بقائها يتطلبان امتلاكها تحالفا قويا مع تكتل نيابي يمثل الأغلبية، وقائم على برنامج إصلاحي واضح المعالم.

لكن الواقع عكس ذلك تماما؛ فالعلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في أسوأ حالاتها، إذ تطفو على سطح أزمة تلو أخرى، والمناكفات بين الطرفين جلية، وإن كانت الحكومة تسعى إلى تغليفها بقالب من الود، من خلال دبلوماسية رفيعة، ربما لأسباب مصلحية تتعلق بإطالة عمرها.

بدورها، فإن الحكومة لا تملك برنامجا شاملا، وما تزال الخطة التي أعلنتها ناقصة وبحاجة إلى عمل كثير.

وكل ما تخطط له وتنفذه الحكومة يرتكز بالأساس على برنامج غير وطني، وهو اتفاقية المملكة مع صندوق النقد الدولي التي لا تجلب القبول من الشارع. بقاء الحكومة لسنوات يقوم بالأساس على التوافق بين قوى ومراكز.

والفكرة براقة ومغرية، لكن الظاهر أنها طُرحت للتداول قبل الأوان.

والموقف اليوم هو أن لدينا برنامج تصحيح اقتصادي يقوم على زيادات متواترة لتعرفة الكهرباء خلال الفترة 2013-2017، وهذه مدة طويلة لن يتحمل الأردنيون ومزاجهم الصعب خلالها حكومة واحدة ورئيسا واحدا.

ولعبة تمرير الاتفاق مع المؤسسة الدولية تقتضي التغيير الدائم للرئيس، بحيث تتمكن كل حكومة من تطبيق جزء من الاتفاق إلى حين تطبيقه كاملا؛ ما يعني تبعا لهذه القاعدة أن البلد سيشهد عددا من الحكومات.

السؤال المطروح: ماذا سيجني البلد لو شهدنا عددا من الحكومات خلال السنوات المقبلة؟ وفي حال رحل النسور ضمن المعطيات الحالية، هل نتوقع من الحكومة المقبلة عدم رفع الأسعار مثلا؟ هذا ضرب من خيال.

الحل ليس في استمرار رحيل الحكومات، لأن التغيير يعني أننا نرحّل المشاكل ونؤجّل الحلول، فيبقى الوضع تائهاً بين حكومة تأتي وأخرى ترحل، وكأننا نشتري الوقت!

ولنا في مراجعة العامين الماضيين عبرة.

الغد