حسبة المحروقات مجددا

حسبة المحروقات مجددا
الرابط المختصر

يقول البعض إن زيادة أسعار المحروقات التي دخلت حيز التنفيذ منذ يوم أمس، ليست كبيرة، وبالمقدور استيعابها.

المشكلة ليست في مقدار الزيادة، بقدر ما أنها تكمن في منطقية القرار، خصوصا أن مسار أسعار النفط عالميا خلال الشهر الماضي كان بانخفاض.

فالقرار كان مستغربا وغير متوقع، لاسيما أن تطبيق معادلة التسعير الشهرية جعل كثيرين متيقظين لفكرة متابعة أسعار النفط عالميا، لتقدير توجهات أسعار المحروقات شهريا قبيل اتخاذ القرار الرسمي.

ما لم تدركه الحكومة هو أنها كانت تحت المجهر؛ فالمستهلك والخبراء لها بالمرصاد. إذ رغم ذلك، أقدمت على القرار الذي يفسره البعض بالحاجة إلى إيرادات إضافية.

لكن، هل يكون الإيراد على حساب الثقة الشعبية الضعيفة أصلا؟

هنا تصعد المشكلة الأكبر التي تتعلق بالثقة بالقرارات، وحالة التشكيك في كل ما يصدر عن الحكومة.

المشكلة الأخرى هي أن القرار يأتي ونحن بانتظار تنفيذ قرار زيادة أسعار الكهرباء، ما يضيف عنصرا جديدا سيؤثر في متوسط أسعار المستهلك، الذي يتوقع أن يرتفع بحدود 1.5–2 %، وصولا إلى 9 % بالمجموع خلال الفترة المقبلة.

بشكل عام، ثمة تساؤلات كثيرة تدور حول ماهية آلية تسعير المشتقات النفطية. بيد أن المثير للجدل تلك الأرقام التي يكشفها مسؤول مهم، بالقول إن قيمة الضريبة على المحروقات المخصصة للبلديات، ونسبتها 8 %، تتراوح بين 220-350 مليون دينار سنويا.

ووفقا لتقديرات المسؤول، وبالقياس على نسبة الضرائب المفروضة على بنزين "أوكتان90"، والبالغة 24 % تتوزع بين ضريبة عامة وخاصة، ستتراوح قيمة الإيراد بين 660-1080 مليون دينار سنويا.

ويصعب القياس على بنزين "أوكتان95"، نظرا لاختلاف مستوى الاستهلاك من هذا الصنف.

التقدير يبدو ضخما والأرقام مفاجئة، مقارنة بما يتضمنه قانون الموازنة العامة للعام الحالي، والذي يقدر الإيراد المتأتي من جميع أصناف المحروقات بحوالي 300-350 مليون دينار سنويا.

ربما يكمن تفسير تضارب الأرقام فيما يؤكده مسؤول آخر، بأن ضريبة البلديات غير محصلة بعد، رغم أن تطبيق القانون يفرض ذلك؛ إذ إن الحكومات أرجات فكرة التطبيق منذ إقرار قانون البلديات.

ونتيجة عدم التطبيق، لا تستفيد البلديات من الإيراد، بل يُخصص لها دعم سنوي في الموازنة بلغت قيمته في العام الماضي 75 مليون دينار، وارتفع خلال العام الحالي إلى حوالي 85 مليون دينار سنويا.

سياسة إدارة سوق المحروقات يلفها العديد من التساؤلات. وتأخّر تحرير هذه السوق بشكل حقيقي يولّد المنافسة، ويخفّض تعرفة هذه السلعة المهمة، وتطبيق الاستراتيجية المتعلقة بهذا الخصوص، بحاجة إلى نقاش طويل، وعلى الحكومة بكل كوادرها الإفصاح بشكل دقيق عن هذه التفاصيل.

بالضرورة، يلزم مراجعة خطط القطاع، وتحديد جدول زمني للتطبيق؛ ليس لشيء، إلا لأن التنفيذ تأخر لسنوات طويلة، وشارك في ذلك حكومات ووزراء كثر. وكان يمكن أن يكون وضع قطاع الطاقة مختلفا اليوم، لو التزم هؤلاء بالتنفيذ.

الغد

أضف تعليقك