حتى لا نغرق في ظلام دامس

حتى لا نغرق في ظلام دامس
الرابط المختصر

ليس الاختبار الأول ولن يكون الأخير الذي يتجاوزه قطاع توليد الكهرباء، لكن ليس بنجاح تام، ما يعكس مشكلة ما تزال مختبئة ولم يشعر الناس بكبر حجمها حتى اليوم.

المعطيات تحذر من شيء آت؛ إذ تلوح في الأفق إشارات تنبئ بأن الأردن سيصبح مثل دول أخرى مجاورة، تعاني من مشاكل يومية وانقطاعات في الكهرباء صار حدوثها أمرا اعتياديا.

كما أنها ليست المرة الأولى وليست الأخيرة، التي يتم فيها تحديد برنامج زمني لقطع التيار الكهربائي عن أحياء كاملة تجنبا لأزمة كبيرة.

خلال آخر موجتين لارتفاع الحرارة، لجأت الحكومة لحلول تجنب وقوع حوادث تكشف ضعف القدرة التوليدية في المملكة.

ومع آخر موجة، اضطرت الحكومة لاستيراد كميات إضافية من الكهرباء لتغطية العجز في التوليد؛ حيث اشترت حوالي 140 ميغا واط من مصر، في وقت نفذت برنامجا لفصل التيار عن مواقع مختلفة.

أمس تكشفت عيوب ومشاكل القطاع بشكل جلي، فلولا بعض الإجراءات الاحترازية لوقعت مشاكل كبيرة تبعاتها السلبية ليس لها حدود، لدرجة تهدد بوقوع النظام الكهربائي كاملا بحيث نغرق في الظلام.

الحلول المؤقتة التي لجأت لها الجهات المعنية، تتمثل بتحويل مواقيت ضخ المياه لتوفير 39 ميغا واط وتخفيض استهلاك الكهرباء في مصانع الحديد لتوفير 70 ميغا واط، وهذا الوفر المتحقق على حساب الناس وقطاعات إنتاجية له ثمنه وآثاره السلبية على جهات مختلفة.

ومن الجيد أن لدينا خططا بديلة لمنع تفاقم المشكلة لدرجة تتعطل معها الحياة تماما، لكن هذه الوصفات تبقى مؤقتة، ولا تقدم حلولا جذرية لأزمة تطل برأسها في سنوات مقبلة، وتهدد بتضعضع مستوى القطاع.

وتدلل توقعات نمو الطلب على الكهرباء على إمكانية حدوث أزمات مستقبلية؛ حيث تصل قدرة قطاع الكهرباء الحالية على التوليد اليوم إلى 2600 ميغا واط، بينما تبلغ الحاجة في أوقات الذروة إلى 2500 ميغا واط أو تتجاوزها، في حال استمرار الطلب وعدم تمكن شركة الكهرباء الوطنية من تخفيض الأحمال. ويتضخم هذا التحدي وسط توقعات بنمو الطلب على الكهرباء خلال العقد المقبل لتجاوز الحاجة مقدار 4700 ميغا واط سنويا في 2020.

يأتي ذلك في ظل دراسات تؤكد أن مؤشر الطلب على الكهرباء سيتخذ منحى صعوديا، نتيجة تزايد عدد السكان وتطور سبل وأنماط استخدامات الطاقة، حيث يتراوح الارتفاع في الطلب بين 5 و7 % سنويا، بقدرات تزيد على 150 ميغا واط ولا تقل عن 200 سنويا.

أخطر ما يهدد القطاع التوجهات الرسمية في سياسة التوليد؛ ومنها عدم إقامة وحدات توليد جديدة لزيادة الإنتاج بمعدلات تناسب الزيادة في معدلات الطلب، وعدم إقامة محطات جديدة لاستبدال تلك التي تخرج من الخدمة نتيجة التقادم.

الخطورة الحقيقية تكمن في التخبط والتقلب في مشاريع التوليد، فمشاريع طاقة الرياح تسير ببطء، وعطاء Ipp3 ما يزال بانتظار طرح وثائق العطاء منذ 9 أشهر، الأمر الذي يصطدم مع خطط المملكة في مواجهة الطلب المتزايد من الكهرباء.

وضمان أمن النظام الكهربائي يتطلب توفير احتياطي من الطاقة الاستطلاعية، وفي الأردن نفتقد ذلك، فكيف سنحمي القطاع ونضمن تطوره؟

التنبه للمستقبل والمشاكل الماثلة، يتطلب تكثيف العمل وزيادة عدد مشاريع التوليد بما يلبي الحاجة الحالية والمستقبلية، حتى لا يأتي يوم ونغرق في ظلام دامس