جياع بيننا!

جياع بيننا!
الرابط المختصر

لا توجد أرقام دقيقة حول عدد الجياع في الأردن. لكن غياب الإحصاءات لا يعني أن البلد خال منهم.فعدد الجياع خلال سنوات الرفاه والنمو، وتحديدا في العام 2005، قدرته دراسة لبرنامج الغذاء العالمي بحوالي 60 ألف أسرة، أي زهاء 300 ألف أردني.

وبرسم المقارنة والقياس إلى ما قبل ثماني سنوات، فقد كان هناك جائع من بين كل 20 أردنيا، في بلد بلغ عدد سكانه 5.8 مليون نسمة في حينه، فيما يبلغ تعدادهم اليوم حوالي 6.5 مليون نسمة، مع ازدياد معدل الفقر.

واستنادا إلى الأرقام الرسمية، فقد ازداد الفقر محليا وصولا إلى 14.4 % في العام 2010، مقارنة بـ13.3 % في العام 2008، ما يعني أن عدد الفقراء يزيد على 880 ألف فقير.

فكيف الحال اليوم بعد سنوات قاسية اقتصاديا على الجميع؛ كم جائع يقطن بيننا؟

الجهود الرسمية لم تتمكن من تخفيض معدلات الفقر، وأخفقت بالتأكيد في تقليص عدد الجوعى، بسبب ضعف نتائج سياسات محاربة الفقر التي فشلت فيها كل الوزارات والمؤسسات التي تعمل على مكافحة هذه الظاهرة.

ولو لم تخرج مبادرات ومساعدات طارئة من مؤسسات، ولم يكن لدينا صندوق معونة وطنية وتحويلات حكومية مختلفة، فلنا أن نتخيل إلى أين كان يمكن أن تصل معدلات الفقر!

إمكانات الجهات الرسمية لم تتغير، وكذلك خططها ورؤيتها للملف. وانتظار نتائج الأداء الرسمي بدون أي فعل منظم من قبل مؤسسات المجتمع والقطاع الخاص، يفتح الباب للتكهن بإمكانية زيادة كل من معدلات الفقر وعدد الجوعى مستقبلا.فالصراع القائم بين الجهات الحكومية المعنية بالفقر قديم وما يزال مستمرا، ويؤثر كثيرا على النتائج.

وتوحيد الجهود كان مطلبا قديما لم يتسن تحقيقه، بسبب صراع المسؤولين على الملف، ليبقى الفقراء ضحايا تنافس هؤلاء واختلافهم.

وتحقيق أحد الأهدف الإنمائية للألفية، والمتمثل في تخفيض عدد الجوعى إلى النصف، لم يتحقق كما كان مخططا له.

ويبدو مناسبا في الظرف السياسي الحالي، أن تتبنى جهة ما إطلاق حملة لجعل عدد الجوعى في الأردن صفرا؛ فهذا الهدف ليس صعبا، وهو قابل للتطبيق في حال تضافرت الجهود لذلك.

عندما نتحدث عن القضاء على الجوع في مجتمعنا، فإن ذلك يعني انتشال هؤلاء وجعلهم في مصاف الفقراء ليس أكثر، بحيث لا يبقون على هامش الحياة، وسط شعور بالظلم والقهر.

في المولات، والجمعيات، والمحال التجارية، ثمة طعام كثير يتلف. والتوصل إلى آلية مناسبة لاستغلاله قبل انتهاء مدة صلاحيته، كفيل بالقضاء على الجوع.

لكن تبقى الحاجة ملحة إلى جهة تؤمن بالقضية وتتبناها، وتضع قاعدة بيانات شاملة للوصول إلى هذه الشريحة، والتشبيك مع القطاع الخاص، وهذا ليس مستحيلا.

تبني مثل هذا الهدف ضرورة. والسعي إلى اجتثاث الجوع ممكن، في حال أيقنا مخاطر وجود آلاف من الجياع بيننا؛ فوجودهم لا يضرهم، بقدر ما يهدد سلمنا المجتمعي، نتيجة اتساع الفجوة بينهم وبين غيرهم، وفي ظل غياب العدالة في توزيع المكتسبات، وتراجع الطبقة الوسطى.

للجميع بدون استثناء مصلحة في محاربة المشكلة، والمشاركة في حلها؛ فالفقراء حتى اليوم لم يقولوا كلمتهم، ربما لأنهم لا يملكون الأدوات المناسبة لذلك، كما أنهم لا يحترفون العمل السياسي، ويجهلون كيف يعبرون عن أنفسهم.

الغد