تعديلات الدستور .. كيف نتعامل مع الوجبة الأولى من ردود الفعل؟
الملاحظات تتمحور حول صلاحيات الملك والحوار يتركز مع التيار الثاني
الوجبة الاولى من ردود الفعل على التعديلات الدستورية , حملت اراء متباينة, فريق رحب بالتعديلات ورأى فيها خطوة متقدمة الى الامام , وفريق ثان ثمن التعديلات لكنه طالب بمراجعة مواد اخرى في الدستور , خاصة المادة 35 المتعلقة بصلاحيات الملك في تشكيل الحكومات . الفريق الثالث يمثل الاتجاه الرديكالي رفض التعديلات جملة وتفصيلا وجدد مطالبته بعقد اجتماعي جديد بين الحاكم والمحكوم .
الجدل في المرحلة المقبلة سيكون مع اصحاب الرأي الثاني , هؤلاء ابدوا مرونة في موقفهم , فهم لم يرفضوا التعديلات , لكنهم يطمحون بالمزيد . ويمثل هذا التيار طيفا واسعا من الاحزاب والشخصيات السياسية ورجال القانون , وفي جعبة العديد منهم اقتراحات واجتهادات وجيهة يمكن الاخذ بها وتضمينها للتعديلات قبل اقرارها في البرلمان , ولدى البعض الاخر تصورات خاطئة ناجمة عن نقص في الثقافة الدستورية , يمكن تجاوزها بالحوار والشرح من قبل المتخصصين , وهذه وظيفة وسائل الاعلام بالدرجة الاولى , والتي ينبغي عليها ان تفتح ابوابها لحوار صريح وشفاف يناقش كل القضايا بدون حرج بما فيها المواد الدستورية الخاصة بصلاحيات الملك لتصويب الانطباعات الخاطئة وشرح فلسفة توزيع الصلاحيات بين السلطات في الدساتير عامة .
من بين التيارات التي تصنف ضمن التيار الثاني الحركة الاسلامية , التي اصدرت بيانا بالامس سجلت فيه سلسلة من الملاحظات على التعديلات الدستورية تمحورت في معضمها على المواد المتعلقة بصلاحيات الملك , وايدت في نفس الوقت الكثير من التعديلات التي اوصت بها اللجنة . واعتقد ان اتجاهات اخرى كالجبهة الوطنية التي يقودها احمد عبيدات ستتخذ مواقف قريبة من موقف الحركة الاسلامية .
ما اخشاه ان لانجد في الاسابيع التي تفصلنا عن موعد مناقشة التعديلات في البرلمان جهة تدير الحوار وتدافع عن التوصيات , بالنسبة لاعضاء اللجنة مهمتهم انتهت بتسليم التعديلات الى الملك, اما الحكومة فقد اودعت العهدة لديوان التشريع ولن تفتي في الامر قبل الانتهاء من هذه المرحلة.
ووسط حالة السلبية وعدم الثقة السائدة يخشى ان تسقط التعديلات ضحية للانطباعات المتشائمة حيال فرص الاصلاح في الاردن , وتضيع بالتالي فرصة ذهبية طالما راهنت عليها الدولة لتكون عنوانا لمرحلة جديدة وضمانة لمستقبل مملكة تواجه تحولات ثورية غير مسبوقة في المنطقة .
الرافضون للتعديلات يستحيل مناقشتهم فهؤلاء يتخذون موقفا عدميا , مع ان المطلب الوحيد لبعضهم كان العودة الى دستور 52 , والتعديلات المقترحة جاءت باكثر من ذلك . لكن وكما يتضح من ادبياتهم المنشورة فأن ما يرمون اليه هو نسف اسس الدولة التي قامت عليها قبل تسعين عاما , وتأسيس دولة جديدة يعرف كل عليم بالسياسة انها وفي ظل المعطيات الاقليمية والدولية لن تكون دولة اردنية ولا مملكة هاشمية .
في المعادلة الوطنية طرف اساسي ودستوري له كلمة الفصل فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية واعني مجلس النواب . الوقت المتاح امام المجلس لمناقشة التعديلات شهر واحد , لكن تحديد مهلة للمناقشات لايعني ان دور النواب الوحيد هو البصم على توصيات اللجنة الملكية . من حقهم ان يراجعوا التعديلات ويضيفوا اليها ما يرونه مناسبا , وسمعت من عدد من النواب افكارا واقتراحات قيمة , الاخذ بها سيساهم في سد ثغرات في التوصيات المعروضة من اللجنة . والمؤكد ان لدى اعضاء مجلس الاعيان ايضا اقتراحات قيمة فبينهم اساتذة في القانون وخبراء في الدستور, ومثل هؤلاء الكثير خارج المجلسين ليس امامهم من وسيلة لتقديم ما عندهم سوى التواصل مع مجلس الامة .
ينبغي ان نحرص على انجاز عملية مكتملة حتى لايقال ان خطوة تاريخية كهذه جرى سلقها وتمريرها خلف الكواليس .
العرب اليوم