تعددية المجتمع واسئلة الاصلاح

تعددية المجتمع واسئلة الاصلاح
الرابط المختصر

تُختصر المطالب الاصلاحية التي تنادي بها الاحزاب والقوى والفعاليات بعناوين محددة, مثل التعديلات على الدستور, وقانوني الانتخاب والاحزاب, وهو ما عكفت الدولة على وضع الخطوات ومشاريع القوانين من اجل تلبية هذه المطالب.

غير ان الاصلاح المنشود لا يصح ان يُختزل بمثل هذه المطالب فقط, فهناك محطات اجتماعية وثقافية لا بد من الوقوف او التوقف امامها للارتقاء بالعملية الاصلاحية نحو المسارات الديمقراطية البناءة, وفي مقدمتها بناء المجتمع الديمقراطي.

اي عملية تقود الى تقسيم الشعب الاردني واحداث شروخ بين اوساطه على اسس اقليمية او جهوية او طائفية, لا تستحق ان توصف بالاصلاح, لانها ستكون التخريب بعينه. وكل ديمقراطية تحتوي على (تفاصيل شيطانية) توزع شهادات المواطنة على فئة من دون اخرى من فئات الشعب بقصد الانتقاص من حقوق المواطنة هي مشروع لاعادتنا الى عصور التخلف والثقافات المحدودة المتعصبة التي هي اشد فتكا من الاوبئة.

لقد تميز الاردن الحديث, في ظل عهود المملكة الهاشمية بالوطنية الجامعة التي تستند الى قيم ومبادئ الامة العربية, فالأردن منذ بداية نشوء الدولة مشروع قومي يحتضن تطلعات الامة من اجل الوحدة والحرية, وهو منذ البداية تمايز بالحفاظ على التعددية الثقافية لمكونات الشعب, سواء كانت هذه التعددية تقوم على الاصول القومية او على الطائفية والجهوية.

هذا التنوع الثقافي الذي رافق بناء الدولة يعكس قيما واعرافا ديمقراطية اجتماعية تحترم الثقافات والعادات لكل فئة وطائفة من مختلف الاصول والمنابت وهي لا تنتقص من الهوية الاردنية انما هي علامة على تحضّرها لانها تحتضن الهويات الجزئية في اطار حضاري راق من الوعي السياسي والاجتماعي.

وحتى الاردنيون من اصل فلسطيني, الذين جاءوا مهاجرين بفعل الاحتلال الصهيوني, حافظت طبيعة المجتمع الاردني الديمقراطية على ثقافاتهم وعاداتهم. فتجد لكل مدينة وقرية في فلسطين المحتلة قبل 48 وفي الضفة الغربية قبل 67 ديوانا او جمعية في الأردن تمثل اهل هذه المدينة او القرية تماما مثل ما يحافظ الشراكسة والشيشان على تقاليدهم وكذلك الدروز والشّوام وغيرهم.

روح الديمقراطية المعاصرة, وفق مواثيق حقوق الانسان الدولية جميعها تسعى الى حث الدول والشعوب للاعتراف بالتنوع الثقافي كأحد اعمدة المجتمع الحديث. وهذا ما هو حاصل في الاردن وفي اعماق سياسة الدولة منذ ان نشأت قبل 90 عاما ويفترض ان يُطّور الاصلاح هذا الواقع الحضاري بمفاهيم ديمقراطية اضافية تعزز وحدة المجتمع وتُقوّي الاردن كوطن وهوية جامعة ترسخ قيم المواطنة وحقوقها.

وهنا اتساءل: ان كان مشروع قانون الانتخاب (تحت الاعداد) سيسمح للبدوي والمسيحي والشركسي والشيشاني (الكوتا) بان يترشحوا في القوائم الانتخابية على مستوى المحافظة, وعلى مستوى دائرة الوطن كله. فاذا لم يُسمح بذلك فسيكون عيبا كبيرا في عملية الاصلاح المنشود, يقتضي الامر دراسته في الحكومة ومجلس النواب من اجل تصحيحه قبل تشريعه. فالمواطنون في الحقوق سواسية.

العرب اليوم