تشكيل لجان مجلس النواب
بدأ مجلس النواب أولى جلساته بطريقة غير مبشرة، فعدوى المحاصصة انتقلت من تشكيل الحكومة والأعيان إلى تشكيل اللجان في البرلمان، وبدلاً من أن يندفع النواب لاختيار الأكثر كفاءة لرئاسة وعضوية اللجان ساد نهج استحواذ الكتل عليها وإقصاء الآخرين.
لا نعارض تشكيل الكتل البرلمانية، بل ننظر إليها على أنها ظاهرة صحية تعزز العمل الجماعي تحت القبة، ولكن المشكلة تكمن في آليات تشكيل الكتل البرلمانية فهي ليست إطاراً لحزب أو تيار سياسي، ولم تبن على توجهات برنامجية وإن كانت بعض الكتل تسعى لوضع أنظمة داخلية وخطة عمل.
والحقيقة الأساسية أن الكتل تعكس ظاهرة استعراض القوة وإثبات الذات لبعض الرموز البرلمانية، وفي الوقت ذاته السعي لإضعاف رموز وشخصيات برلمانية أخرى.
ولا تظهر الحكومة تدخلاً ودوراً معلناً ولا نعلم إن كان هناك دور مخفي في هذا الحراك البرلماني وحالة التجاذب والصراع تحت القبة، وهو على عكس حالة برلمان 2007 حيث تشكلت بعض الكتل وحركت بـالريموت الحكومي والأمني.
سينتهي صراع الكتل بمجرد الانتهاء من توزيع مغانم اللجان والتحدي الأكبر لها حين تبدأ اللعبة البرلمانية بأدوارها التشريعية والرقابية، هنا ينتظر الشارع على وجه التحديد ممارسات الكتل ودورها ومواقفها، وعندها سينجح بعضها بالاختبار ويأخذ الشرعية الشعبية، وسيسقط آخرون من أولى الجولات.
اختبار البرلمان محطاته كثيرة، وفي ظل خطاب العرش المطالب بالإصلاح السياسي تزداد المهمات التي ستكشف الأدوار وستسلط الضوء على النواب ومسلكياتهم، وأكثر ما نطلبه ونتمناه من النواب أن يحافظوا على استقلاليتهم وأن لا يدخلوا تحت عباءة الحكومة وأن يتحصنوا من لعبة المزايدات والمقايضات.
ولا يعني ذلك أن يشرب النواب حليب السباع فقط للمناكفة وإثبات الذات، بل المطلوب منهج علمي في العمل وممارسات تعكس فهماً للواقع وخططاً للنهوض بالمستقبل.
اختبار الثقة بالحكومة محطة كاشفة لمواقف النواب وتصورهم وكيف ينظرون لعلاقتهم بالحكومة وآليات عملهم معها، فالحكومات في السنوات الماضية استمرأت شراء أصوات النواب واستمالتهم بكل الطرق والأساليب، وكأن الأمر نقيصة أن تحصل الحكومات على ثقة غير فلكية، ولا يتذكرون أن حكومة طاهر المصري التي ما يزال الشارع يشهد بديمقراطيتها لم تحصل على أرقام فلكية، وأن رئيس الحكومة عبدالسلام المجالي حصل على ثقة البرلمان بـ 41 صوتاً من 80 نائباً.
قواعد اللعبة داخل البرلمان يجب أن تتغير، والمفروض أن تبدأ ورشة الإصلاح بتعديل النظام الداخلي للبرلمان حتى يغير من منظومة التقاليد السائدة التي شوهت العملية السياسية تحت القبة.
طريق البرلمان طويل والرهان عليه كبير بعد إخفاقات المرحلة السابقة، ولهذا أدعو إلى تشكيل مرصد إعلامي برلماني يتابع عن كثب مجلس الأمة ويدقق في تفاصيل المشهد ويقدم أولاً بأول معلوماته للناس وجمهور الناخبين، فالبرلمان يجب أن يظل تحت المجهر والرقابة والتقييم.
span style=color: #ff0000;الغد/span