ترشيد المطالب في الشارع

 ترشيد المطالب في الشارع
الرابط المختصر

أعادت الحراكات الشعبية ترشيد شعاراتها المطلبية وحصرتها في بنود قابلة للتصديق والتطبيق وفي مقدمتها رحيل الحكومة وإلغاء قراراتها برفع الدعم عن المشتقات البترولية وإنجاز إصلاحات حقيقية.

وهذا ما ظهر في المسيرات الاحتجاجية أمس الأول الجمعة في ساحة الجامع الحسيني بعمان والمحافظات كافة التي ظهرت هادئة ومتزنة مقارنة بما رفع من شعارات ليلة صدور قرارات الحكومة، فتجاوز المحتجون الشعارات المغامرة التي حاول بعضهم جرّ الأردنيين إليها من دون وعي لكن الناس رفضوها لأنها تمس جوهر حركاتهم السلمية.

والواضح أن تكتيك جماعة الإخوان المسلمين اختلف تماما خوفا من الصدام مع الدولة والأجهزة الأمنية التي لاقت تعاطفا شعبيا كبيرا، فاتجهت "الجماعة" نحو المكونات العشائرية والمخيمات لاستنهاض مشاركتها وتشجيعها على الخروج والاحتجاج، فلجأت إلى إدامة الحراكات الليلية اليومية في أماكن متفرقة مع التركيز في عمان على المنطقة الواقعة بين دوار الداخلية وجبل الحسين لأنها المنطقة الأكثر جذبا لعدسات التلفزة والإعلام الأجنبي والمحلي.

وكذلك ابتعد "الإخوان" عن الاحتجاجات المركزية الكبيرة المباشرة استعدادا للتحضير لمسيرة يوم الجمعة المقبل التي تبنتها الجبهة الوطنية للإصلاح بقيادة رئيس الوزراء الأسبق احمد عبيدات وهي تستعد لمسيرة نوعية حسبما تقول، وكذلك "ابتعد الإخوان" عن الميكرفونات والهتافات -التي سلّموها في ساحة الحسيني إلى نشطاء آخرين جدد- المطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإقالة الحكومة وإلغاء قراراتها والإفراج عن المعتقلين والمطالبة بالإصلاح دونما أية إشارة إلى شعارهم السابق "إسقاط النظام".

لا شك أن قرارات الحكومة ما زالت تجد الغضب الشعبي في الشارع، والمطالبة بإلغائها أو تخفيف حدتها على المواطن ورغم شعور الحكومة بتراجع الضغط الشعبي عليها إلا أن الاحتجاجات تراجعت في حدتها لكنها متواصلة وعنيدة، في الوقت الذي يستمر فيه المواطنون بالوقوف في طوابير أمام البنوك لاستلام قيمة الدعم النقدي الحكومي المخصص لهم.

وهنا التساؤل، كيف يمكن التوفيق بين الاحتجاج والاستلام؟ لماذا لا يرفع المحتجون شعار "لا للدعم النقدي الحكومي" ويطالبون الجماهير بمقاطعته وعدم استلامه؟ لماذا قاطعت عملية التسجيل في الانتخابات النيابية ولم تقاطع عملية استلام الدعم النقدي الحكومي؟ أليس في ذلك تناقضا بين الشعار والفعل؟

الجديد في الحراكات الشعبية المدعومة من جماعة الإخوان المسلمين أنها عادت إلى التركيز على مقاطعة الانتخابات النيابية والتشكيك في نزاهتها وبرزت ظاهرة إحراق البطاقات الانتخابية في مدن الجنوب وعمان مؤخرا، وهذا هو جوهر الموقف السياسي للجماعة المتمثل في سعيها الحثيث لإفشال العملية الانتخابية بعد أن تلقفوا "هدية الحكومة" ببالغ الترحاب لأنها أعطتهم وقودا لمعاركهم المقبلة وأعادت الألق إليهم في الشارع.

نعرف أن مصير الانتخابات النيابية لم يعد سهلا، لكنه أصبح استحقاقا دستوريا بعد حل مجلس النواب، وليس من المنطق القبول بعودة المجلس المنحل من أجل تمرير إعادة "التيار المقاطع" إلى العملية الانتخابية، وليس من المنطق القبول بالتشكيك في نزاهة الانتخابات قبل أن تبدأ، واعتبارها "مسرحية" والزج بالأجهزة الأمنية واتهامها بالتدخل في إدارة الانتخابات وتزوير إرادة الأردنيين.

نرفض قرارات الحكومة إلغاء الدعم في الوقت الراهن لأنها جاءت في وقت غير مناسب وبقيم غير معقولة، لكن لا علاقة بينها وبين الانتخابات النيابية، التي هي مطلب شعبي، ألم يكن أول مطالب الاحتجاجات الشعبية" حل مجلس الـ "111" فما بال المطالبين بعودته؟

العرب اليوم

أضف تعليقك