بين يدي رئيس الجامعة الأردنية
احتفلت الجامعة الأردنية قبل فترة قصيرة بعيد تأسيسها الخمسين وبعد مرور هذه السنوات الطويلة ما تزال هناك ملاحظات على العملية التدريسية في هذه الجامعة التي نفترض أنها تطورت كثيرا خلال هذه السنوات خصوصا وأن معظم المدرسين من خريجي الجامعات الغربية التي تطورت فيها العملية التدريسية كثيرا ووصلت إلى مستوى نستغرب كيف لم تصل جامعتنا إلى هذا المستوى أو حتى تقترب منه.
وحتى لا نتحدث في العموميات فسوف نعطي أمثلة على أن التدريس في بعض الكليات ما زال وكأنه يجري في مدرسة ثانوية وليس في جامعة هي أم الجامعات الأردنية.
في جامعات العالم يجري تدريس طلاب الدكتوراه بطريقة مختلفة تماما عما هو في الجامعة الأردنية ففي تلك الجامعات يطلب من الطلاب القيام بعمل بحوث في التخصص الذي يدرسونه ويقيمون على أساس هذه البحوث وقيمتها العلمية ولا تجرى لهم امتحانات صفية كما تجرى هذه الامتحانات في المدارس بحيث يطلب منهم حفظ بعض الكتب وتقديم الامتحان فيها.
في الجامعة الأردنية يعامل طلاب الدكتوراه وكأنهم طلاب مدارس فكل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع يجرى لهم امتحان وهذه الامتحانات تعتمد على دراسة مواد محددة من كتاب واحد وحفظها عن ظهر قلب ولا يطلب من هؤلاء الطلاب عمل بحوث تتعلق بالتخصصات التي يدرسونها وكأنهم طلاب مدارس ثانوية فطالب الدكتوراه ليس طالبا صغيرا يجلس في مدرسة على مقاعد الدراسة لأن هذا الطالب عندما يتخرج قد يدرس في إحدى الجامعات وهذا يعني أنه يجب أن يكون قادرا على البحث والتحليل والاستنباط والاستقصاء أما أن يعطى مواد محددة لكي يحفظها فهذه مسألة يجب إعادة النظر فيها ويجب أن تبحث وعلى أعلى مستوى في الجامعة لأنها مسألة مهمة جدا ولا يمكن السكوت عليها أبدا.
إن أي جامعة في هذه الدنيا إذا لم تتطور فستفقد بريقها العلمي ويكون خريجوها غير مؤهلين تأهيلا حقيقيا فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن دراسة الماجستير في الجامعات البريطانية تستغرق سنة واحدة بينما تستغرق هذه الدراسة في جامعاتنا سنتين كما أن هذه الجامعات لا تشترط حصول الطالب على معدل جيد أو جيد جيدا ووزارة التعليم العالي تعترف بشهادة الماجستير البريطاني مع أن دراستها تستغرق سنة واحدة لكنها تضع شرطا واحدا وهو الإقامة في بلد الدراسة لمدة ثمانية أشهر.
نفتخر كثيرا بجامعاتنا ونعتز بها خصوصا الجامعة الأردنية لأنها أول جامعة تقام في الأردن لكننا نريد لهذه الجامعات أن تواكب التقدم العلمي وأن تتطور في أساليب تدريسها بحيث ترتقي هذه الأساليب لتحاكي أهم جامعات العالم وتصبح نموذجا يحتذى في المنطقة.
بقيت نقطة أخيرة مهمة نحب أن نلفت النظر إليها وهي تتعلق بجامعاتنا ككل وهي أن هناك مدرسين لم يقدموا بحثا علميا محكما واحدا في حياتهم مع أنه مضى عليهم في التدريس أكثر من ثلاثين عاما وهؤلاء المدرسين لم يتطوروا أو يزيدوا من معلوماتهم وبالتالي سينعكس ذلك على الطلاب الذين يدرسونهم علما بأن معظم الجامعات في العالم تفصل أي مدرس إذا مضى عليه خمس سنوات لم يقدم فيها ولو بحثا واحدا.