بعد أن أعلنت الحكومة برنامجها الإصلاحي
ها قد اقتربنا من طي النصف الأول من العام الحالي، وليس مفاجأة أن الاقتصاد لم يقدم نتائج إيجابية يشعر بها الأفراد والقطاع الخاص رغم أن نتائج العديد من المؤشرات أظهرت تحسنا طفيفا.
مستوى الأداء الحالي كان متوقعا منذ العام الماضي، إذ أشارت المعطيات المحلية والإقليمية في حينه إلى أن المستوى سيكون متواضعا نتيجة حالة التباطؤ التي مر بها الاقتصاد العالمي والإقليمي.
إلى اليوم، نجد أن السوق المالية فقدت بليوني دينار من قيمتها، بمعنى أن ثروات المستثمرين في البورصة تآكلت بهذا المقدار نتيجة تراجع السوق لمستويات لم تبلغها حتى إبان اندلاع الأزمة المالية العالمية.
ومن القطاعات التي اتبعت نهجا شبيها، ذلك الذي سلكه قطاع العقار، حيث تراجعت الأسعار بمعدل 25 % عن السنوات الماضية، الأمر الذي يعتبره بعض الخبراء سببا في تراجع البورصة التي توظف الأموال التي يجنيها الناشطون في قطاع العقار.
الحالة التي يمر بها قطاعا السوق المالي والعقار تقدم أدلة دامغة على أن الوضع الاقتصادي لا يسير باتجاه الصعود، وهذه نتيجة طبيعية لسيطرة حالة عدم اليقين التي تتعمق، ويدعم ذلك النمو شبه الصفري في حجم التسهيلات الممنوحة من المصارف والتي نمت بمعدل لا يتجاوز 1 % خلال الربع الأول من هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في الوقت الذي نمت فيه الودائع بنسبة 2.3 %.
بقاء المؤشرات الاقتصادية في حدود توقعات المؤسسات الدولية بحيث يصل النمو ما مقداره 3.8 % العام الحالي ونحو 4 % العام 2011 لا يقدم ما يكفي لحماية شرائح واسعة من الفقر والبطالة، لاسيما أن الأردن تمكن في سنوات خلت من تحقيق نمو بلغ بالمتوسط 7 %، بيد أنه لم يكف لتقليص معدلات الفقر والبطالة.
المعطيات تؤكد أن تبعات الأزمة العالمية، وما سبقها من ارتفاعات مخيفة في الأسعار، أدت إلى انزلاق كثير من الأردنيين في يد هاتين المشكلتين بعدما ضعفت قدرة الاقتصاد على توليد فرص العمل ورفع معدلات المداخيل للغالبية العظمى من قوة العمل التي تقل مداخيل 75 % منها عن 300 دينار.
ولربما تمكنت الإجراءات التي أعلنتها الحكومة في برنامجها الإصلاحي للأعوام 2010 - 2013 من لعب دور إيجابي في تحسين مستوى بعض الشرائح وتحديدا المعلمين والعسكريين، إضافة إلى إمكانية تحفيز القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة بحيث يوسع مساهمته في حل المشاكل الاقتصادية.
فالإمكانات المالية المحدودة وتواضع قيمة المنح المقدمة تصّعب العمل وتقلل الإمكانات، ما يجعل الأدوات المتاحة للسيطرة على بعض المشاكل ترتبط بالسياسات والتشريعات وبالقدرة على صناعة القرار، لتبقى هذه الأخيرة هي الورقة الرابحة في يد الحكومة في ظل ضعف القدرات المالية.
فليس مطلوب صناعة المعجزات وتحقيق المستحيل بل المطلوب دراسة العيوب التي تشوب سياساتنا لنتمكن من إدارة الموارد المتاحة على محدوديتها بشكل مثالي بأسلوب يزيد القيمة المضافة من الإنفاق ويمكن من استغلال ما هو موجود فالجود من الموجود، كما يقال.