بركات السفارة الأمريكية وفضائل "ويكليكس"

بركات السفارة الأمريكية وفضائل "ويكليكس"
الرابط المختصر

في الوقت الذي يحجم معظم ساستنا عن الكلام المباح محليا في الجلسات العامة او في مواقع العمل الرسمي والشعبي , ويداورون ويقلبون الحقائق تبهيرا او تقزيما في الجلسات المفترض فيها قول الصدق لا غيره , نجدهم مثل طيور الكناري في حضرة الامريكان وسفاراتهم , يحللون , يشطحون , يقولون كلاما دقيقا وكلاما واضحا ومفهوما , بعد الترجمة طبعا ,عن الواقع المحلي والعربي والاقليمي , ليس بالضرورة ان نتفق معه وعليه لكنه يشكل وجهة نظر وأرضية قابلة للحوار .

لن اكون ساذجا واسأل عن سر هذا الجريان التحليلي وإنفكاك عقدة اللسان مع الفرنجي لانه برنجي حسب المثل الدارج , لكني سأسأل عن سر التلعثم وضياع الحروف ومخرجاتها محليا وداخليا , هل نثر هؤلاء الساسة هذه الرؤى أمام اي مسؤول أردني او امام صاحب القرار الأول في اي جلسة من الجلسات المتكررة معه والتي كان يطالب فيها كما طالبنا خلال مائدته الرمضانية التي شرفت بالجلوس عليها بالقول الصريح ومساندته في اجتراح الحلول لما يجري الآن ؟ بل وطرح بنفسه أسئلة نلامسها على خجل أو تحسس . 

خلال جلسات عصف سياسية كثيرة حضرتها وشاركت فيها , كنت اسمع نفس الجملة تقريبا من السياسيين على المخرج او عند باب السيارة , « الواحد ما بده يحكي بلاش يزعلو منو « او « خليها تسطح ولا بره تفضح « لنكتشف بعد فضائل ويكليكس انها كانت دائما تفضح , اي تقال للاجانب والسفراء بل وتقال للمراسلين الاجانب وصحف المهاجر التي نعرف منها اخبار الاردن الحقيقية .

على صفحات وكليكس استعادت ذاكرتنا المحلية والعربية اسماء خلناها زهدت بالدنيا وما فيها , او انها قررت الركون الى الصمت المريح واعتزال الكلام المباح , والالتفات الى العمل من اجل لقمة العيش ومستقبل الابناء وتحصيل راتب تقاعدي يفيدهم في شيخوختهم الصالحة حسب مدخلات الصمت والانسحاب من المشهد المحلي , لنكتشف انهم متابعون ويتحدثون بكل اللغات واللهجات الا لهجتنا الاردنية ولغتنا العربية .

الرسائل المترجمة من الموقع الاشهر لا تكتفي بتزويدنا بمعلومات وتحليلات وتنشيط ذاكرتنا بأسماء كدنا ان نسقطها بالتقادم , لكنها تكشف عن منهج تفكير وسلوك , غفلنا عنه او جرى تضليلنا فيه , مفاده أن الساسة والاقتصاديين الذين تربوا في احضان الدولة ومنحهم المجتمع الاردني بعض محبته وثقته , يتعالون على المجتمع نفسه ويرون بأنهم اكبر من الحالة المحلية , فهذا الصمت لم يكن دليل اعتكاف وزهد بل دليلل استعلاء واشياء اخرى لن اذكرها , ودليل استقواء على الحالة الاردنية بالغرب وطلب العون منه والنصرة على اوطانهم وناسهم .

ويكشف حقيقة نقاء غريزة الاردنيين وصفاء سريرتهم وصدق وجدانهم , حين اسقطوا من حساباتهم كل تلك الاسماء وكل الساسة ووضعوا ثقتهم في شخص واحد هو الملك , وعلى بعض الساسة بعد ذلك الكف عن التذمر والشكوى من انحسار الدعم الشعبي لهم وانخفاض منسوب الثقة بهم وتراجع شعبيتهم , فهم لم يكونوا اصلا لنا وكانوا مستثمرين اجانب في ساحتنا السياسية والاقتصادية سرعان ما حملوا اوراقهم وارصدتهم وغادرونا .

وهذا يفيدنا اكثر في طبيعة الرجال الذين نبحث عنهم ليتولون المناصب والمساهمة في رسم الحاضر والمستقبل الاردني , نريدهم فقط اردنيون , يتحدثون بلهجتنا ولا يلحنون , فالاردنيون أولوا ثقتهم دوما لنزيه المسلك ونظيف اليد ويعشق رائحة الحلال , وهذا ما نريده ونبحث عنه .

الدستور

أضف تعليقك