اي دور تطلبونه للشباب في الانتخابات?!
قانون انتخاب يكرس العزلة وحياة جامعية تعزز الولاءات الضيقة.
تحاول الحكومة ان تستنهض دور الشباب للانخراط بشكل فاعل في العملية الانتخابية وبالأمس القريب التقى رئيس الوزراء مجموعة منهم, ثم اصطحبهم في زيارة لدائرة الاموال المدنية, وتابع اجراءات تسجيل شبان جدد في جداول الناخبين.
وفي اللقاء حرص الرئيس على ان يبعث برسالة الى شباب الاردن يدعوهم فيها الى المشاركة في الانتخابات بعيدا عن الولاءات الضيقة لاختيار من يمثلهم, وحثهم على تشكيل تكتلات شبابية في مختلف الدوائر ليقدموا من خلالها تصوراتهم ورؤيتهم للمستقبل وتشجيع الاغلبية "الصامتة" على المشاركة. واضعا ذلك كله تحت عنوان عريض وجذاب "شباب هم المستقبل".
لا نشك في نوايا رئيس الوزراء ونشاركه الامل فيما قاله بشأن دور الشباب, لكن النوايا الحسنة وحدها لا تصنع المستقبل.
الشباب ليسوا قوة او فئة معزولة عن المجتمع نجلبها يوم الانتخابات الى صناديق الاقتراع لتختار النواب وفق معايير مثالية, انهم مثل غيرهم من الفئات في سلوكهم الانتخابي.
واذا كان من رهان خاص عليهم كقوة من اجل المستقبل فإن حضورهم بهذا المعنى في الانتخابات لا يتأتى "بكبسة زر" او باجتماع في نادي الملك الحسين فلكي يلعب الشباب دوراً مختلفاً وتقدميا في الانتخاب كان على الدولة بكل مؤسساتها ان تغير نظرتها لهم في المدارس والجامعات والكليات. كما كان ينبغي التفكير بتهيئة مناخ سياسي وتشريعي يساعد الاردنيين عموما وليس الشباب فقط على المساهمة الفعلية في العملية الديمقراطية في سياق وطني عام.
ان اخطر اشكال العنف الاجتماعي التي واجهتنا مؤخرا كان مصدرها الشباب, وتظهر المسوحات الميدانية التي اجريت في السنة الاخيرة انحسارا غير مسبوق في الولاء الوطني عند الشباب لحساب الهويات الفرعية بكل اشكالها, وعودة قوية الى العشيرة والمنطقة والجهة, وتعكس نتائج تلك الدراسات واقعا ملموسا في الجامعات حيث يقوم الفرز في اوساط الطلاب على اسس عشائرية ومناطقية ضيقة تعيش صراعا دائما فيما بينها.
ولا يترك قانون الانتخاب الجديد امام القوى الاجتماعية بكل فئاتها مجالا لغير الانحيازات العشائرية والجهوية والطائفية, ولن يجد الشباب في ظل هذا القانون من فرصة لتشكيل تكتلات غير "الاجماعات" العشائرية, ولن يكون بمقدورهم التصويت لغير مرشح العشيرة.
كان دعاة الاصلاح في المجتمع يأملون بقانون انتخاب يكسر حالة العزلة في اوساط الاردنيين ويعزز الرابطة الوطنية, لكن آمالهم خابت, وأسس الاصلاح والتغيير امر صعب المنال.
ان القوى المنظمة على تواضعها تواجه تحديا كبيرا في المحافظة على دورها في المناخ السياسي الحالي, فكيف لفئات الشباب التي تعاني اصلا من التشتت والضياع الفكري ان تقف في وجه التقاليد السائدة?
ثم من الذي قال ان الشباب يمكن ان يلعبوا دوراً خارج الحيز السياسي والاجتماعي او ان يكون لهم حزب خاص بهم في كل المجتمعات الديمقراطية الشباب مثل غيرهم من الفئات يتوزعون على الأحزاب السياسية حسب قناعاتهم ويشاركون في العملية السياسية من خلال الأطر الحزبية والنقابية. اما ما نسمعه من تنظير عن دور خاص للشباب في الانتخابات فلا يعدو مجرد "بروبو غاندا" لن تجد لها صدى في المجتمع ولا في الانتخابات.
العرب اليوم