الوظيفة العامة أفضل وسيلة للثراء

الوظيفة العامة أفضل وسيلة للثراء

من الممتع ان تقرأ عن الفضائح المالية التي تعصف بكبار المسؤولين في الدول الغربية حتى بعد خروجهم من المنصب تمارس اجهزتهم الرقابية المختلفة دورا مهما في ملاحقة اي شبهة تحيط بشخص شغل المنصب العام.

الاعلام في الغرب يمارس دوره الرقابي - في ملاحقة الفساد وسلوكيات المسؤولين الذين يحاول بعضهم استغلال وظيفته - للحفاظ اولا واخيرا على النظم الديمقراطية الانتخابية, فماذا عسانا ان نقول في الاردن?

يحاول البعض ان يُجمّل صورة المسؤولين في الاردن وانه لا يوجد لدينا تلك الاشكاليات الموجودة في الدول الاخرى, ورغم عدم قناعتي بذلك الانطباع الا ان الامر يحتاج الى مراجعة تعيد الهيبة للمنصب العام وتعطيه احترام شرف الخدمة.

في الاردن, بمجرد ان يخرج الوزير من منصبه تجده يعمل فورا إما مستشارا لاحد ارباب العمل "الثقيل" او رئيسا لمجلس ادارة شركة كان له اتصال وتعامل معها اثناء الخدمة او يدخل في عضوية مجالس ادارة ليست له علاقة او معرفة بطبيعة العمل فيها.

هناك بعض المسؤولين أثرو بشكل فاحش لدرجة ان سلوكياتهم باتت احاديث الصالونات ليس لانهم باتوا اثرياء, بل بسبب كيفية وصولهم الى ذلك الغنى علما ان خدمتهم لم تخرج على اطار العمل العام, بعضهم بنى بيتا بات معلما من معالم العاصمة, وآخر أسس شركات متنوعة لا تتعامل الا بالدولار, وآخرون يجمعون بين الامارة والتجارة معا وهكذا والحالات كثيرة, وما خفي كان اعظم.

أما بالنسبة للنواب فهناك الكثير من الملاحظات على مصاريفهم ونفقاتهم التي تُدفع من الخزينة, فالاعفاءات الجمركية والخدمات التي يحصلون عليها من السلطة التنفيذية لدعم سياساتها والامتيازات والتأمينات والحوافز المالية ونفقات السفر وغيرها كلها امور تخالف الشعارات التي طرحوها لناخبيهم ومبادئ الرقابة العامة على المال العام.

لقد بات هناك اعتقاد لدى الشارع العام ان المنصب العام هو افضل وسيلة للثراء السريع والدائم حتى بعد مغادرة المقعد الحكومي, وللاسف انتقلت هذه العدوى للكثير من الصف الثاني في الجهاز التنفيذي للدولة, فبدلا من متابعتهم لقضايا المواطنين ومتابعة احتياجاتهم باتوا يشاغبون ويتواسطون للجلوس على المقعد الوزاري او النيابي.

غريب امر مجتمعنا, الكلام عن محاربة الفساد كثير ومظاهره اكثر خاصة في العمل العام, الا اننا لم نشاهد ابدا محاسبة وكشفا لقضايا معينة, واذا ما تناولت الصحافة حالة بشكل غير مباشر سرعان ما تعلو اصوات البعض بان ذلك تصفية واغتيال للشخصية.

هناك الكثير من ملفات الفساد لدى الحكومة والنواب وهي بانتظار الحسم فيها, والشارع لن ينساها ابدا, واذا بقيت الادارة الرسمية لتلك الملفات على حالتها الراهنة فان لذلك معنى سلبيا سيتعزز لدى المواطنين بان هناك تواطؤا بين السلطتين لمنع محاربة الفساد

 

أضف تعليقك