النصر رقم واحد لغابات برقش
من يعتقد أن جماعات الضغط التي تشكلت من خلال الحملة الوطنية لإنقاذ غابات برقش لا يمكن لها أن تكون مؤثرة فهو مخطئ، ولا يعرف حركة التاريخ وحركة المجتمعات، ويقع في مطبات كثيرة تكلف الكثير. فلولا مجموعات الضغط التي تشكلت واستطاعت أن تحشد رأيا عاما جماهيريا بضرورة الحفاظ على الثروة الوطنية لغابات برقش، لبدأ مسلسل الإعدام مبكرا لتلك الغابات العزيزة على قلوب الأردنيين الذين يعرفون معنى الأرض ومعنى الوطن، ومعنى أن ثقافة البزنس قد آن أوان أن تصبح تاريخا.
على مدى شهور طويلة، خاضت الحملة الوطنية نضالا طويلا يستحق الوقوف عنده، فلم يتسلل اليأس إلى نفوس أعضائها، واستطاعوا أن يشكلوا فرق عمل يمتد عملها من الاعتصامات المتوالية أمام رئاسة مجلس الوزراء ومجلس النواب، وكذلك مخاطبة المنظمات الدولية التي تعنى بالحفاظ على البيئة، إلى الزيارات الميدانية المنتظمة التي كانت تنظمها الحملة إلى غابات برقش، والتي كانت تدعو إليها كل وطني غيور للتمتع بتجلي قدرة الله في برقش، للتأكيد للجميع أن قضية غابات برقش قضية تستحق أن يحمل لواء الدفاع عنها كل أردني للحفاظ على هذا المعلم البيئي الوطني. وبذلك حققوا انتصارا، ولو جزئيا، في قضية الحفاظ على متنفس بيئي صحي للناس، والتي يعود بعض أعمار الشجر فيه إلى قرون خلت.
الحملة الوطنية لإنقاذ غابات برقش من الإعدام استطاعت عبر نضالها انتزاع قرار حكومي يتعهد بعدم قطع أي شجرة هناك، ورهنت توقف حملتها الوطنية التي نقف معها بصدور قرار آخر لإلغاء تفويض 981 دونما من أراضي الحراج لإقامة مشروع الكلية العسكرية.
قرار الحكومة الذي اتخذ وفق إعلان وزير الدولة وزير الزراعة م. سمير الحباشنة، أكد أن مجلس الوزراء قرر عدم السماح بقطع أي شجرة من الأشجار الحرجية الموجودة في منطقة عرجان والمعروفة بـ"برقش"، وأنها ستبقى مسجلة باعتبارها أراضي حرجية لخزينة الدولة، مما يؤكد أن انتزاع هذا القرار لم يكن ليتم لولا جهد شباب الحملة.
تصريحات وزير الزراعة جاء فيها إن قرار الحكومة يلغي الجدل الدائر حول موضوع غابات برقش، مشيرا إلى أنه وبموجب القرار يكتفى بأن تكون غابات برقش متنفسا للأهالي ولأغراض تدريبية بالنسبة للجهات العسكرية، وأن يكون البناء فقط على الأراضي المملوكة للقوات المسلحة الأردنية.
ولكن لم تغلق الحكومة باب الإعدام لغابات برقش بشكل نهائي، فهي أبقته مفتوحا، بحيث تضمن القرار السماح بتفويض الأراضي لغايات التدريب العسكري. وحتى لا ننسى، نود أن نذكر الجميع بأن هذا بحد ذاته مخالفة لقانون الأراضي الأردني، الذي ينص على أن الحراج ملك للشعب الأردني والأجيال المقبلة. وهذا بذات الوقت يؤكد أن عمل الحملة الوطنية لإنقاذ غابات برقش لم ينته بالصورة التي تريدها، ويجعل من القائمين عليها مصرين على موقفهم لتحقيق كل مطالبهم بعد هذا الانتصار الذي تم تحقيقه.
الغد