النسور وسر القوة

النسور وسر القوة
الرابط المختصر

تضمن ملصق لفراشة جميلة العبارة التالية: "السعادة مثل الفراشة. إذا سعيت إليها تهرب منك ولكن إذا أبعدت النظر عنها ستأتي وتجلس على كتفك."

تذكرت هذا الملصق عند سماعي خبر تكليف عبد الله النسور كأول رئيس وزراء مكلف بعد مشاورات نيابية ملكية في الأردن، فقوة الرئيس المكلف جاءت بسبب عدم سعيه للمنصب واستعداده علناً وعملياً قبول إمكانية - كما قال- أن يكون رئيس وزراء انتقالياً فقط.

لقد قام دولة عبد الله النسور بكل شيء ممكن أن يسبب عدم اختياره للمنصب،  فقد رفع أسعار المشتقات النفطية رغم معرفته بعدم شعبيتها، ثم قام مرة أخرى بالموافقة على رفع جديد بعد تقديم الكتل بتسميته مما شكل إحراجاً لهم.

ما أسماه البعض "عناد" النسور وما يسميه هو بالعمل من أجل المصلحة العامة، شكل مصدر إعجاب للعديد من الأردنيين ونجح في رفع موقعه من رئيس انتقالي إلى أول رئيس معين بناء على مشاورات الملك.

لقد أظهر النسور درجة كبيرة من الذكاء السياسي والحنكة البرلمانية،  فنجحت تكتيكاته برفع شعبيته في أوساط مؤثرة وحتى في أوساط شعبية كان هناك العديد من المعجبين بالسر.

ففي مجال التواصل مع المجتمع الأردني قام رئيس الوزراء بحملة مكثفة شملت مقابلة مطولة على التلفزيون الأردني قام خلالها بتقديم حجة مقنعة للمواطن البسيط حول ضرورات اتخاذ القرارات الصعبة والتي أوضح بصورة يصعب التشكيك فيها بأن هدفه المصلحة العامة وهدفه للبلد طويل الأمد وليس الحصول على رد إيجابي سريع.

ومن أسباب نجاح تجربة النسور التنفيذ السريع وغير المهين لموضوع المساعدات المباشرة للفئات الفقيرة وإيضاحه بأن هدف إلغاء الدعم يعود لتوفيره من الأجانب والأغنياء.

ويذكر الناس تحمل رئيس الوزراء لقرار رفع الأسعار وعدم التستر وراء جهات عليا.

وشهدت الانتخابات النيابية التي جرت خلال فترة تولي النسور ولأول مرة نسبة عالية من الحياد للحكومة، فيما لعبت الهيئة المستقلة للانتخابات وبعد ذلك المحاكم دوراً أساسياً في عملية الانتخابات ومتابعة شكاوى المعترضين.

كما وكان لقرارات النسور في متابعة ملفات الفساد مثل ملف وليد الكردي وتقديمه للمحاكمة علاوة على الملفات الأخرى رد فعل ممتاز في الشارع الذي احترم وجود رئيس وزراء نظيف اليدين في الدوار الرابع.

وبنظرة سريعة إلى الوراء، من الصعب أن يستطيع أي مراقب تسمية رئيس وزراء بشخصية قوية مثل عبد الله النسور في السنوات الماضية،  فالنواب الذين هرجوا ومرجوا لم يكن تأثيرهم يذكر في تغيير موقف الرئيس، وسيعود العدد الكافي منهم قريباً بالتصويت بالثقة للرئيس الذي هاجموه بشراسة وبصوت مرتفع.

أما باقي القرارات الصعبة والتي عصيت على رؤساء وزراء آخرين فإن رفع أسعار الكهرباء سيتم - بالتأكيد بعد دراسة وتحضير للجمهور، وسنعود مرة أخرى لصراخ في البرلمان، ثم سيصوت الغالبية لصالح رئيس وزراء لم يسعَ للرئاسة وعمل ما بدا ظاهراً ضد ما اعتقده الكل بأنه لمصلحته الشخصية.

*مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي "راديو البلد وموقع عمان نت"..

أضف تعليقك