الملك ليس بحاجة إلى (قواشين)
بكل شفافية وشجاعة كشف الديوان الملكي الهاشمي عن ملف اراضي الخزينة التي سبق لحكومة علي ابو الراغب ان سجلتها باسم جلالة الملك عبدالله الثاني ورغم اهمية الكشف الا اننا كنا نتوقع ان لا يتم الاعلان عن الموضوع الا باغلاق الملف نهائيا وإعادة تسجيل الاراضي باسم الخزينة, لان ما جرى كان "اساءة" بقصد او بدون قصد وأدى الى الاحراجات اللاحقة التي يعرفها الجميع.
مهما كانت المبررات التي ساقتها الحكومة لتمرير الاجراء قبل 11 عاما, فان الملك ليس بحاجة الى "قواشين" اراضي تضاف الى رصيده لان رصيده الحقيقي في قلوب الاردنيين وليس في دفاتر الطابو وسجلات دائرة الاراضي والمساحة فكل بيوت الاردنيين واراضيهم على حسابه.
قضية تسجيل الاراضي كانت خطأ كبيرا يجب الاعتراف به, والقصر الملكي لم يكن بحاجة الى "الاحراج" بعد ان اصبحت "الاراضي" شعارا في المسيرات الشعبية وهو خطأ يتحمله مجلس الوزراء في حينه بحكم ولايته الدستورية ولا مبرر للاختباء وراء مقولة ان امين عام الديوان الملكي الاسبق (رئيس الوزراء اللاحق) سمير الرفاعي احضر كتابا من الديوان الملكي يطلب فيه تسجيل الاراضي باسم جلالة الملك بحجة وجود "مبادرات ملكية ومشاريع تنموية وتبرعات لجمعيات خيرية..."
ان هذا الامر ليس له اي مبرر مقبول او مسوغ قانوني, واذا اردنا ان نضع الامور في نصابها الحقيقي فان قضية تسجيل الاراضي باسم الملك بدأت منذ وصول " الليبراليين الجدد" الى الديوان الملكي وتشكيل اللجان الاقتصادية والاجتماعية وما تبعها من محاولات ناجحة للتغول على سلطة الحكومات والقيام بدورها من خلال لجان موازية تدار من القصر لتقوم باعمال تقع في صلب عمل الحكومات.
ورأينا لاحقا كيف تم توريط القصر في قضايا كبيرة وصغيرة من افتتاح مصنع مخللات في قرية وقاص بالاغوار الشمالية الى بيع ارض معرض عمان الدولي وبيع ميناء العقبة قبل ان تدري الحكومة.
ما يريده الاردنيون هو الشفافية والمكاشفة واحترام الدستور والقانون واحترام ولاية السلطة التنفيذية وكل السلطات بدون تدخل من احد واذا ما تدخل القصر في عمل اي جهة فان الاخيرة تكون مسؤولة عن سكوتها على مخالفة القانون وأصبحت جزءا منه.
فالدستور لا يخلي مسؤوليات الوزراء من تطبيق "أوامر الملك الخطية والشفوية" وبكل بساطة نريد ان نسمع عن وزير او رئيس وزراء رفض ان يوقع قرارا يأتيه من "فوق" اذا لم يكن مقتنعا به, بصراحة الاردنيون بحاجة الى رجال يدافعون عن كراماتهم وسلطاتهم الدستورية.
العرب اليوم