المكسب الوحيد من الانتخابات
نختلف على قانون الانتخاب الحالي، ولا نرى فيه طريقا للتغيير. ومن منا يتوقع مجلسا نيابيا بتركيبة مختلفة بشكل جوهري عن المجلس السابق، هو واهم بدون شك.
فرص التغيير محدودة، ولا بد من العمل على تعظيمها قدر الإمكان.لكن بصرف النظر عمن يفوز في الانتخابات المقبلة، فإن العملية الديمقراطية حققت مكسبا يمكن البناء عليه في أي انتخابات لاحقة، ويتمثل في الهيئة المستقلة للانتخاب التي تمكنت، وفي فترة قياسية، من تطوير نظام فعال يضمن إجراء الانتخابات بنزاهة، وبما يتوافق مع أغلب المعايير الدولية المعمول بها في الدول الديمقراطية.
منذ تأسيسها منتصف العام الماضي، كرست مفوضية الهيئة جهودها لوضع إجراءات تجعل من الصعب على الأفراد أو المؤسسات تزوير إرادة الناخبين على النحو الذي شهدناه في انتخابات سابقة.
ومع اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، طورت الهيئة المستقلة جملة من المعايير الضامنة للنزاهة، سواء ما تعلق بالتسجيل والاعتراض وصولا إلى يوم الاقتراع.
أنهت تعليمات الهيئة، وإلى الأبد، مبدأ التصويت الأمي؛ الناخب الذي يجيد القراءة يؤشر بالقلم على اسم مرشحه الفردي ورقم القائمة التي يريد.
ومن لا يجيد القراءة يفعل الأمر ذاته، ولكن يؤشر على صورة مرشحه ورمز القائمة.لن يكون بوسع الناخب أن يختار الصندوق الذي يصوت فيه.
ولا مجال لناخب بالتصويت أكثر من مرة، كما كان يحدث في السابق؛ فلكل ناخب صندوق محدد، وهناك كشوفات معلنة بأسماء الناخبين في كل صندوق معروضة على مداخل مراكز الاقتراع ومحفوظة إلكترونيا.
وبمجرد أن يدلي الناخب بصوته يسقط اسمه من الجدولين، وتقص بطاقته الانتخابية، وقبل ذلك يغمس إصبعه بالحبر.ولمساعدة الناخبين الأميين وغيرهم على التأكد من وجود أسمائهم في كشوفات الناخبين، وتوضيح طريقة الاقتراع، ستنشر الهيئة نحو 4500 متطوع ومتطوعة من طلبة الجامعات لتقديم هذه الخدمات.
ويجري حاليا تدريب هؤلاء على العمل. إن انخراط هذا العدد من الشبان في عمل تطوعي يشكل بحد ذاته تمرينا ديمقراطيا لجيل جديد من الأردنيين.
وستسمح الهيئة بدخول مرافق مع الأشخاص المعوقين فقط لمساعدتهم على التصويت إذا كانت إعاقتهم من النوع الذي يتعذر معها التصويت منفردين، ولن يسمح للمرافق بالدخول مع أكثر من معاق واحد.
وطورت الهيئة نظاما إلكترونيا يحفظ جداول الناخبين من الاختراق حتى من قبل "الهاكرز"، ويحمل علامات للسرية تجعل من الدخول إليه لغير المستخدمين أمرا مستحيلا.
يصف رئيس "المستقلة للانتخاب" عبدالإله الخطيب الهيئة بأنها هيئة لضمان حقوق المواطن، ولن تتهاون في ضمان هذه الحقوق المتمثلة في انتخابات نزيهة تحترم النص الدستوري الخاص بسرية الاقتراع، وتحرص أن لا يختار أحد أو جهة نيابة عن الناخب.
الهيئة، ومن تجربتها العملية، وقفت على سلبيات عديدة في قانون الانتخاب، وحاولت تلاشيها بالتعليمات. وفي التقرير الختامي الذي سترفعه إلى جلالة الملك بعد الانتخابات، ستشير إلى هذه السلبيات بالتفصيل.
ليس لدى الهيئة أوهام بأن العملية الانتخابية ستكون مثالية؛ يكفي هنا الدور السلبي للمال الانتخابي الذي يعد اعتداء على حرية الناخب وحقه في الاختيار الحر.
لكن المنظومة الدقيقة والحرفية لإجراءات النزاهة كفيلة بتحقيق أعلى قدر ممكن من المعايير الدولية للانتخابات الحرة، وسيكون انتهاكها أمرا صعبا للغاية، وإذا ما حصل فإن "مصيبة ستقع" على حد تعبير الخطيب.
الغد