المقاومة ولو بـ «نطفة» !

المقاومة ولو بـ «نطفة» !
الرابط المختصر

بعد ستّ سنوات من الاعتقال في السجون الإسرائيليّة، ينتظر تامر مولوده الأوّل وقد تمكّن من تهريب عيّنة حيوانات منويّة من سجنه إلى زوجته هناء... هي تجربة ناجحة أولى تُسجَّل في قطاع غزّة بعد خمس تجارب مماثلة في الضفّة الغربيّة!

عندما عرفت هناء الزعانين (26 عاماً) بأنها حامل لم تستطع حبس دموعها.. فرحاً لنجاح حملها، وحزناً على بُعد زوجها تامر الزعانين (28 عاماً) الذي يقبع خلف القضبان الإسرائيليّة منذ ما يقارب ستة أعوام. فرفعت هناء عالياً نتيجة التحليل التي تسلّمتها من ممرّضة المركز الطبّي، لتعلو أصوات الزغاريد بين النساء الحاضرات اللواتي رحن يحتضنها ويقبلنها. ثم وزّعت الحلوى على الحضور ، مع تبادل التهاني.

وكانت فكرة الحمل بهذه الطريقة قد راودت هناء عندما نصحتها جاراتها بذلك. فإحداهن كانت قد خاضت التجربة من قبل وفشلت. لكنها عندما عرفت بأن هذه التجربة سبق ونجحت في الضفّة الغربية، تشاورت في الأمر مع زوجها المعتقل عبر الهاتف وكذلك مع حماتها.

واتّفق الزوجان على القيام بذلك. وعندما جاء موعد الزيارة في سجن ريمون، وضع تامر عيّنة من حيواناته المنويّة في كيس بلاستيكي شفّاف وسلّمها إلى أحد الزائرين الذي هرّبها من السجن قبل أن يتوجّه مسرعاً نحو بلدة بيت حانون مروراً بمعبر بيت حانون/إيرز الفاصل بين قطاع غزّة وإسرائيل. فاستلمتها هناء بلهفة وذهبت بها إلى مركز البسمة للاخصاب.

هناك، جمّد الطبيب المشرف الحيوانات المنويّة بمجرّد وصولها، وقد استغرقت العمليّة حوالي ستّ ساعات لتبدأ رحلة هناء مع التحليلات والتحضير لمرحلة الحقن المجهري (ICSI). وبعد أربعة أشهر تقريباً، تأكّدت المرأة الشابة من نجاح حملها في 16 أيار/مايو.

وكان الشابان قد تزوّجا في 18 تموز/أغسطس 2006، ليعتقل تامر من قبل الجيش الإسرائيلي في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر 2006 خلال اجتياح برّي لبلدة بيت حانون ، بتهمة انتمائه إلى حركة الجهاد الإسلامي ويحكم عليه بالسجن 12 عاماً.

هكذا يروي موقع «المونيتور» قصة اخرى من قصص الصمود والاصرار على ابتداع أساليب جديدة في المقاومة، عبر الأسلاك الشائكة، هي قصة بالغة الدلالة لكل من يتذرع بالعجز وقهر الظروف المحيطة، للقعود عن اجتراح الحياة، وخلق فرص مبتكرة تصر على ايجاد «نافذة» في الجدار، أي جدار، وتحقيق منجز ما حتى ولو كان إنجاب طفل!

حالة هناء وتامر الزعانين التجربة الناجحة الأولى في قطاع غزّة في هذا المجال، بعد خمس حالات في الضفّة الغربيّة نجح خلالها معتقلون فلسطينيّون في تهريب عيّنات من حيواناتهم المنويّة من داخل السجون الإسرائيليّة حتى تتمكّن زوجاتهم من الحمل عبر التلقيح الاصطناعي. وقد وضعت إحدى تلك الزوجات مولودها الأوّل قبل عام تقريباً، إنها إرادة الحياة التي تأبى الاستسلام للواقع المرير، وفي ذلك عبرة للمتقاعسين عن الفعل، المتذرعين بالحجج الواهية، والذرائع المختلفة لتبرير عجزهم وقلة حيلتهم عن مناجزة العدو، حتى ولو بـ «نطفة» فما بالك بمن يمتلك الصواريخ وترسانات الأسلحة والمليارات من الدولارات والرجال و»الفشك» ويتذرع بقلة «الإمكانية» لمواجهة هذا العدو؟

قصة هناء وتامر تقيم الحجة على كل من يتقاعس عن مواجهة ظروفه بعجز وخذلان واستسلام!

أضف تعليقك