المفاوضات المباشرة ستكون ثلاثية برئاسة الولايات المتحدة

المفاوضات المباشرة ستكون ثلاثية برئاسة الولايات المتحدة
الرابط المختصر

تحت ضغوط دولية وعربية كبيرة وافق القادة الفلسطينيون على إجراء محادثات مباشرة مع إسرائيل، ويعتقد كثير من الفلسطينيين أن المحادثات المرتقبة ليست إلا مناسبة لالتقاط الصور التي تهدف إلى خلق انطباع عن عملية السلام، بينما يتم تجنب اتخاذ أية التزامات ذات فحوى. ولكن، رغم النسبة العالية من المعارضة الفلسطينية للمحادثات المباشرة، لا بد من مراجعة هادئة للعوامل الإيجابية والسلبية التي ستؤثر على نجاح أو فشل المفاوضات القادمة والتي من المتوقع أن تنتهي خلال سنة.

من الجانب الإيجابي، هناك فرصة للتوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي مع اليمين أكثر بكثير من حكومة إسرائيلية وسطية أو يسارية، فمن المؤكد أن يوفر حزب كاديما شبكة أمان إذا ما كان الأعضاء المتشددون في الجناح اليميني يرفضون التصويت لصالح أي اتفاق يقبل به بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي.

الأميركيون يعتزمون هذه المرة أن يكون دورهم أكثر تحفيزاً، فخلافا لما حدث في الماضي عندما كانت الولايات المتحدة تتحرك بشكل مكوكي بين الطرفين، فإن المحادثات القادمة سوف تكون ثلاثية: الولايات المتحدة والإسرائيليون والفلسطينيون  وستكون المفاوضات الثلاثية برئاسة الأميركيين، وتعتزم وزيرة الخارجية، هيلري كلينتون، أن تترأس الجلسة الأولى، بينما سيواصل ميتشل رئاسة المحادثات المباشرة ولغاية نهاية 2011، ومن المفارقات، أن آب 2011 هو أيضا موعد لاختتام خطة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لبناء الدولة الفلسطينية.

وكذلك ومن المنظور الإيجابي، فإن الفلسطينيين هم في الواقع أكثر ثقة بأنفسهم ومع ذلك فهم معتدلون في توقعاتهم، فقد ولت محادثات التبجح في عهد عرفات، وليس هناك أية محاولة لاستخدام العمل السياسي والعسكري في آن واحد، فإنه من الواضح الآن، وتحت قيادة محمود عباس، أن الفلسطينيين ملتزمون بالمسار السياسي فقط.

في ظل إدارة عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، تحسنت الحالة الأمنية الفلسطينية بشكل كبير، وعلى أرض الواقع، فإن الفلسطينيين الذين يقودهم فياض النشط يبذلون جهداً في البناء والتحضير لإقامة دولة فلسطينية بطريقة منهجية.

ولكن ورغم هذه العناصر الإيجابية، فإن عدداً من الحقائق السلبية تساهم بشكل كبير من الفرص للفشل، فالمستوطنات لاتزال تشكل نقطة الخلاف الأكثر وضوحاً، ورفض إسرائيل الإعلان عن تجميد الاستيطان قبل بدء المحادثات المباشرة هو أمر مثير للقلق بالنسبة للفلسطينيين، فبعد أن ربحت إسرائيل تلك المعركة، فإنه من غير المرجح أن يقبل الإسرائيليون على طاولة المفاوضات ما رفضوه قبل الدخول في المحادثات، ما لم يحصلوا على ربح كبير بالمقابل.

ومن جهة أخرى، فإن الفلسطينيين لن يكافئوا ما يعتبرونه سرقة لأراضيهم لأنها تشكل انتهاكا لاتفاقيات جنيف، فمن المرجح أن تختار إسرائيل مناطق للسماح بالأنشطة الاستيطانية في الكتل الاستيطانية الأقرب إلى إسرائيل وليس في المستوطنات المعزولة والنائية، فهل يقبل الفلسطينيون  ذلك ويمضون قدماً في المفاوضات أم أنهم سوف يتخذون موقفا مبدئياً على الرغم من الضغوطات؟  وقد حذّر عباس، خطياً، أنه سينسحب من المحادثات إذا تم إصدار تصاريح للأنشطة الاستيطانية اليهودية .

 وسيستمر وضع القدس أيضا ليكون حجر عثرة رئيسياً، فلم يحدث أي شيء منذ عام 2000 يشير إلى أي تغيير في أي من الجانبين إزاء هذه القضية الحساسة والمثيرة للجدل، والحقيقة هي أن اسرائيل تستعد لترحيل عدد من النواب الفلسطينيين المنتخبين من القدس الشرقية فقط بسبب مبادئهم، ومن الواضح أن ذلك لن يفضي إلى محادثات مثمرة حول القدس، ولكن، وخلافا للمرة الماضية (في عام 2000) عندما انهارت المحادثات بشأن القدس (وليس بشأن حق العودة) فإن فريقاً كندياً عمل جاهداً من أجل التوصل إلى أفكار عملية بشأن القدس.

 وفي ما يتعلق بمسألة حق العودة للاجئين الفلسطينين، فإن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي أيضا غير مرنة، فقد تم إيضاح إصرار نتنياهو على يهودية إسرائيل في الأيام الأخيرة على أنه يعني أنه لن يسمح لأي لاجئ فلسطيني أن يعود إلى دولة إسرائيل، وكان قد تم طرح أفكار تشمل معادلة تتشكل من إعلان إسرائيل أنها تتحمل مسؤولية تاريخية وإنسانية عن التسبب في مشكلة اللاجئين، إضافة إلى وجود حلول دولية،  كقبول إسرائيل خلال فترة من الوقت السماح  لعشرات الآلاف من اللاجئين (ومعظمهم من لبنان) في إطار عملية لمّ شمل الأسرة، ويعتقد البعض أن هذة الأفكار قد تكون الصيغة التي تحل هذه القضية المثيرة للجدل.

 في حين أن النجاح سوف يعتمد على شجاعة وإبداع المفاوضين، فإنه لا يوجد أي شك في أن أطرافاً خارجية، وخصوصا المتطرفين من كل جانب، لديهم القدرة على تخريب أية بدايات اتفاق. ولذا، فمن الأهمية بمكان الإبقاء على معظم المفاوضات خارج المناقشات العامة وتقديم كل ما يتم الاتفاق عليه للجمهور كصفقة متكاملة على أن أيا من الطرفين لا يمكن أن يختار ما يحلو له.

 إن فشل المحادثات المباشرة في عام 2000 أنتج رد فعل دموي جداً، ولكن  من الصعب التنبؤ بما سوف ينتجه من فشل المرحلة الحالية رغم تغيير الوضع الأمني .

 وأخيراً، فإن الكثير من نجاح أو فشل المحادثات المباشرة سيعتمد على دور المجتمع الدولي بصفة عامة وعلى الموقف الأمريكي بصفة خاصة، ففكرة وجود حد زمني مدته عام واحد يسمح باستكمال المحادثات في غضون الفترة التي تلي الانتخابات النصفية التشريعية الأمريكية، وقبل بداية الانتخابات الرئاسية في عام 2012، وهذا التوقيت يساعد الرئيس الأمريكي استخدام نفوذه و هو نفوذ كبير.