المطالبة بالعودة الى دستور 1952
يكثر هذه الايام الحديث عن الدستور الاردني الصادر عام 1952 في عهد الملك طلال, حتى ان قوى اجتماعية وسياسية بدأت المطالبة بعودته شعارا لاعتصاماتها, مما اطلق تساؤلات شعبية كبيرة عن دستور 1952 والتعديلات التي وقعت عليه وطبيعتها, وهل حقيقة ان ذلك الدستور كان اكثر ديمقراطية منه اليوم?
لقد تعرض دستور 1952 الى 28 تعديلا ابتداء من عام 1954 وحتى عام 1984 وهي حقوق اعطتها كل دساتير العالم الى السلطة التشريعية بصفتها ممثلة لسيادة الشعب من اجل مواكبة التغييرات ومن اجل المحافظة على سنة التطور التي تفرضها طبيعة الاشياء وضرورتها.
وتعديل الدستور الاردني يحتاج الى موافقة ثلثي اعضاء مجلسي النواب والاعيان وتصديق الملك.
ويأتي في مقدمة التعديلات التي طرأت على الدستور انها قلصت النصوص الدستورية الضابطة للسلطة التنفيذية وصلاحياتها, مما اطلق يدها وضاعف من قوتها خاصة بعد التعديل الذي اعطى الحق للملك بتأجيل الانتخابات النيابية من سنة الى سنتين واذا كان هذا التعديل مبررا في السنوات التي تلت نكسة حزيران, لكنه غير مبرر بعد قرار فك الارتباط وظهور السلطة الفلسطينية وحكومتها وبرلمانها.
ان السماح بتأجيل الانتخابات البرلمانية يخل بمبدأ دورية اجراء الانتخابات ويخل بمرتكزات النظام الديمقراطي القائم على فصل السلطات لانه يعطي الحكومة حق ادارة البلاد بدون رقابة برلمانية.
ويتبع ذلك منح سلطة اصدار القوانين المؤقتة للحكومة في ظل غياب البرلمان المنتخب لان تعديلا قلل من تقييد الحكومات في اصدارها من "حالات الكوارث والحروب والطوارئ" الى نص يرهنها بظروف "تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية" وهي عبارات مطاطة, منحت الحكومات حق التشريع وهي سلطة لا تمتلكها, وقد وصل عدد القوانين المؤقتة التي اصدرتها احدى الحكومات الى 211 قانونا بعد تأجيل الانتخابات اكثر من سنتين.
وهناك تعديل الغى حق " كل نائب او عين اقتراح القوانين " ومنحه لعشرة نواب او اعيان, وهناك تقليص مدة الدورة البرلمانية من 6 اشهر الى 4 اشهر مع دورات استثنائية لا تناقش الا الامور المحددة في الدعوة, فاذا كانت ظروف الخمسينيات لا يلزمها عمل برلماني دائم فان الظروف الحالية تحتاج الى عمل متواصل.
وكذلك وضع تعديل خطير مس رئاسة المجلس العالي الذي يفسر الدستور ويحاكم الوزراء وحول رئاسته من اعلى محكمة نظامية الى رئاسة "الاعيان" وبذلك نقل المجلس الى مهمة سياسية اكثر منها قضائية فجاءت بعض التفسيرات لخدمة الحكومات, اضافة الى تقليص مدة مجلس الاعيان من 8 سنوات الى اربع تجدد كل سنتين,مما جعل البعض اكثر التصاقا بالحكومة خوفا على مستقبله.
فهل من المعقول ان يكون الاردن اليوم اقل ديمقراطية مما كان عليه قبل 61 عاما؟
العرب اليوم