المسؤولون السابقون .. عبقرية مابعد الموقع!

المسؤولون السابقون .. عبقرية مابعد الموقع!

تأتي "ساعة القدر" من حيث لايحتسب المسؤول لدينا فيرحل من موقعه الى منزله متقاعدا ترافقه "الزفة" مابين من ينتقده او يُصفق له ويتباكى عليه باعتباره "خسارة وطنية".

المثير في هذا الصدد اضافة الى محاولة نهشنا لكل مسؤول سابق مايفعله ذات المسؤول السابق بإرادته. اذا عُدنا الى ارشيف معظم المسؤولين السابقين وخصوصا الكبار وماصّرحوا به بعد خروجهم في مقابلات او مقالات او ندوات أومحاضرات نكتشف ان هؤلاء اصبحت لديهم وصفات سحرية لحل مشاكل البلد. الكل يُدلي بدلوه مقترحاً وناقداً ومُشخصاً. السؤال الذي يتولد من رحم اللحظة يقول... اين كانت هذه العبقريات وانتم في مواقع المسؤولية ؟؟ ولماذا جاهدنا معكم "الجهاد الاكبر" و"الجهاد الاصغر" في حالات من اجل اقناعكم بالصح والصحيح فلم تسمعونا ولم تتوقفوا عندنا حتى باعتبارنا "موقف حافلة" على الطريق ؟؟

المشهد له ظلال متعددة لايجوز من حيث المبدأ نهش سمعة كل مسؤول سابق ، وفرد لحمه على المشرحة الاجتماعية وتقطيعه واتهامه في سمعته وذمته المالية واخلاقياته. علينا ان نتعامل مع الحالات بشكل فردي دون تعميم. هذا من جهة ومن جهة اخرى تأبى اكثرية من المسؤولين السابقين ، الا ان تأتي بنفسها الى هذه "المشرحة" فتفتي في الشأن العام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. من حق المسؤول السابق ان يتحدث في قضايا البلد ويقترح الحل والحلول ، من خبرته او لكونه مثل اي مواطن عادي ، غير انه ليس من حقه ان يقدم نفسه باعتباره "عبقرية" الالفية الثالثة وأنه المنقد والمخلص و"المهدي" في الحكومات ، لاننا عندها سنسأله عما فعل خلال وجوده في موقعه ولماذا قصّر في الاداء ولماذا لم يُطبق حلوله العبقرية وهو في موقعه وهل استرد الذكاء او الضمير او الهمة العالية بشكل متأخر ؟؟؟ لمثل هذه الاسباب لم يعد هناك اردني واحد يثق بمعظم المسؤولين السابقين او العاملين ، لان الاردني بات يعرف ان المسؤول وهو عامل يكون من طينة اخرى وحين يُصبح سابقا يفيض علينا من حلوله مثل ماء الطريق الصحراوي سراب يتبدى ولاندى خلفه.

هكذا اذن هي القصة ما أصعب الفعل و ما أسهل الكلام لانضيق بالمسؤولين السابقين .القصة تتعلق بالمنطق الذي يفرضه الموقع. هذا المنطق يجب ان يكون حاضرا خلال وجود المسؤول او بعد خروجه. لماذا في حالات اخرى يخرج المسؤول لدينا من موقعه لعام او لعامين فيكتشف ان الاضواء خفتت فيذهب الى المقدمة مسببا صوتا عاليا وجلبة وضجيجا من اجل لفت الانظار اليه ؟؟ كما ان بعض المسؤولين السابقين لدينا هم من خرجوا وذهبوا الى مدارات اخرى ولم تنته الحياة عند قصة الموقع ولم يدّعوا بأثر رجعي ان الحلول كانت في جيوبهم غير انهم لم يتذكروها الا بعد خروجهم وكأننا شعب بلا ذاكرة يمكن اعادة برمجتها كل يوم بكل سهولة. ليتحدث اي مسؤول سابق لاضير دون ان يطرح نفسه منقذا او عبقريا عندها قد يكون مُحتملا ومحمولا.

لانحرم الناس من حق الكلام غير ان عليهم ان يعطونا حق الكلام والسؤال ايضا والا فليجلس كل واحد في بيته مختصرا كل هذه المواجهات والمطاحنات ولان لا احد يُصدق العبقريات التي تتفجر فجأة بعد الخروج من الموقع.

ما أسهل الكلام وما أصعب الفعل.

[email protected]

الدستور

أضف تعليقك