المركز الوطني لحقوق الإنسان ما له وما عليه

اعتصام لناشطين امام المركز

 

يعتبر عالميا ان صيانة حقوق الانسان من اهم المؤشرات لرقي الدول وديمقراطيتها. ولاشك ان وجود مؤسسة محلية تتابع وتراقب وتنشر التزام الدولة بكافة قطاعاتها بالاعلان العالمي لحقوق الانسان ومجموعة الانظمة والتعهدات الدولية التي تشكل القانون الإنساني الدولي أصبحت علامة فارقة للدول ذات احترام مواطنيها وحقوقهم.

و رغم وجود مؤسسات دولية ذات مصداقية تقوم بالتحقق بالتزام الدول بمعايير حقوق الانسان الا ان وجود مؤسسة وطنية تقوم بذلك العمل يوفر نسبة عالية من المصداقية والاهتمام شريط أن تكون تلك المؤسسات مستقلة ومحمية ويسمح لها بنشر ما تستقصي ويتم الأخذ بتقاريرها بجدية من قبل كافة قطاعات الدولة.

وقد يكون هنا بيت القصيد.

لقد شكل تأسيس مراكز وطنية لحقوق الإنسان اخر الموضات لبعض الدول التي تنشأ المؤسسات بهدف تحسين صورتها الخارجية رغم أن التأسيس غالبا يأتي ما يتجاوب مع مبادرة باريس بضرورة وجود مراكز وطنية مستقلة. فبعض الدول مهتمة برفع مؤشرها في سجل الشفافية العالمية -والذي يؤخذ به من قبل الدول المانحة- أكثر من اهتمامها الحقيقي بإعطاء تلك المراكز حيز مهم في الحياة الديمقراطية وفي الدفاع عن حقوق المواطن.

 

و يصعب معرفة اين يقع المركز الوطني لحقوق الإنسان في ظل هذه المفارقة علماً أن موضوع سيادة القانون غير مكتملة في الأردن حيث يلاحظ المراقب الفجوة الكبيرة بين الاعمال والاقوال المنمقة والأفعال على الأرض خاصة مع وجود على مستوى الدولة ما يعتبره البعض مستويان من القانون- الرسمي وغير الرسمي. فيما يخص القانون غير الرسمي يتم التحفظ  من قبل العديد من مؤسسات الدولة على بعض الامور قد يتم تبرير ذلك بأن ذلك للمصلحة العليا للوطن واننا لا نرغب بنشر الغسيل أمام الخارج وغيرها من المبررات.

 

ولكن المركز الوطني لحقوق الانسان حاول شق طريقه نحو الاستقلالية الحقيقية وحاول جاهداً أن يمتنع عن ممارسة الرقابة الذاتية. ولا شك أن المفوض العام للمركز وفريق المركز من الخبراء القانونين والحقوقيين لعبوا دوراً مميزاً في الدفع بهذا الاتجاه مما ادى في بعض الاحيان الى وجود مواجهة مع الجهات الرسمية كان آخرها قيام قوى الأمن بمنع مواطنين من تقديم شكوى لدى المركز حول موضوع الاعتقالات الأخيرة ذات طابع سياسي.

 

لقد شاركت الأسبوع الماضي في عدد من جلسات المركز الوطني لحقوق الانسان وقد وجدتها مفيدة وجرئية ومتوازنة وكنت اتمنى ان يتم تغطيتها بصورة أوسع مما حصلت عليه من وكالة الأنباء الرسمية والتي يبدو أن داء الرقابة الذاتية متعمق فيها رغم احتفالها الأخير بمرور نصف قرن على عملها. فاقوال حيدر الزبن المدير السابق للمؤسسة المقاييس  المفصلة لم تصل للجمهور كما ولم يتم التطرق لأقوال المحامي راتب النوايسة بان 37 طعن في دستورية قوانين لم توافق المحكمة الدستورية على الاستماع لها وغير ذلك من الأقوال والمداخلات المتعلقة بحقوق الإنسان والتي لم ترى النور في اعلامنا وهنا اقترح على المركز ان يطور دائرة علاقات عامة تتولى أمور النشر بدل الاعتماد على وسائل إعلام رسمية وغيرها.

 

كما وعلمت خلال حضوري لبعض الجلسات ان هناك فجوة لا تزال بحاجة الى علاج تشريعي وعملي فيما يخص عمل وتقارير المركز. فرغم توفر حماية للمفوض العام والمفوضين إلا انه  الحماية القانونية للعاملين في المركز لا زالت غير كافية رغم القول إن حماية المفوض تسري على الفريق العامل. كما لا يواجه المركز صعوبات عند التحقق بالعديد من الشكاوى التي تصله فيما يخص القطاع الخاص في حين الشكاوي بخصوص القطاع العام يكون الرد لها غير كافي في المعلومات.

 

 والاهم من كل ذلك أن الحكومة وأركانها لا يأخذون بعين الاعتبار اهمية التقرير السنوي والتقارير الدورية للمركز الأمر الذي يفقد للمركز مصداقيته أمام المواطنين ومقدمي الشكاوي.

 

لا يزال مسار الديمقراطية وحقوق الانسان في الاردن طويل ولا يزال أمام المركز الوطني لحقوق الإنسان مشوار طويل ولكن كما يقول المثل طريق المئة ميل تبدأ بأول خطوة ولا شك أن المركز قام بأكثر من خطوة في الاتجاه الصحيح.

 

أضف تعليقك