المرأة نحو مناصب سياسية عليا

المرأة نحو مناصب سياسية عليا
الرابط المختصر

رغم وصول المرأة في الأردن إلى عدة مناصب قيادية إلى أن هذا لا يبدو أنه قد خرج من الاطار التكميلي التجميلي لدور المرأة، الذي يواكب التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تدعو إلى تحقيق المساواة بين الجنسين.

فلا يبدو أن المرأة ستخرج من إطار قضايا السياسة الدنيا؛ حيث بقينا نرى أدوار المرأة في التخطيط والتنمية الاجتماعية والثقافة؛ فيما خصصت قضايا السياسة العليا من قيادة دول أو خارجية وداخلية ودفاع ومالية إلى الرجل.

إن هذا دليل على عدم النهوض الفكري للمجتمع، فما يحصل من تمكين لدور المرأة ما هو إلا أدوار تجميلية لا تخرج من سياق الايمان بأن أمور السيادة وتحقيق السلم والأمن هو من اختصاص الرجل.

ورغم أن الأردن أحد الدول المقر للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأحد الدول الموقع على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) عام 1992، ومن الملتزمين بما ورد في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي عقد في بكين عام 1995؛ إلا أنه لا يمكن أبداً أن نحكم على وصول المرأة إلى مناصب قيادية سياسية في ظل استبعادها من الوزارات الهامة والتي تمثل الأمن القومي للأردن، ودون الايمان بدورها في هذا الجانب قبل تكريسه لا يمكننا اعتبار أن الأردن يسير بخطى حقيقية لتمكين دور المرأة في الحياة السياسية.

هنالك نظريات دولية تؤكد أهمية وجود المرأة في السياسة الدولية؛ أي ما يسمى "بالنظرية النسوية" وهي نظرية في العلاقات الدولية تؤمن بأهمية دور المرأة في قضايا السياسة الدولية وتطالب بمنح المرأة الفرص نفسها الممنوحة للرجل في السياسة؛ وظهرت في أواخر الثمانينات لدى أنصار المدرسة الليبرالية للمساواة بين الجنسين؛ عندما طرحت سينثيا اينلو Cynthia Enloe السؤال التالي: أين هن النساء؟.

أما أتباع نظرية المساواة الاستشرافية في العلاقات الدولية فهم يحاولون رؤية العالم من جانب أنثوي؛ ولعل أبرز منظريها آن تيكنر Ann Tickner والتي ترى أن السلطة من منطلق ذكوري يركز على القوة المهيمنة ويهمل الجانب التفاوضي الجماعي الموجود لدى الأنثى، إضافة إلى أنها ترفض فصل الأخلاق عن العمل السياسي كالعدل مثلاً.

هذا إضافة إلى أن أنصار هذه النظرية يرون أنه كلما تقلدت المرأة مناصب سياسية عليا فإن الأمن والسلم سيعم الدول فالمرأة تميل إلى عدم اللجوء إلى خوض الحروب في قيادتها للدول في ظل استشعارها بخطورته على الانسانية قبل حصوله.

وبالتالي يمكن القول بأن تقلد المراة مناصب سياسية قد يحقق مكاسب عديدة للنهوض بالمجتمع؛ لكون المنطق يقول بأن ما جرب لا يجرب، ولكون الرجل جرب بما فيه الكفاية فلا داعي أن نبقى نجرب؛ ولا أعني هنا الهجوم على الرجل باستبعاده من المناصب السياسية وإنما آن الآون لمنح المرأة فرصة لاثبات وجودها في المناصب السياسية الحساسة.

والأمر الأخر؛ هو أن الحاضر والتاريخ جاء بنساء قياديات وضعن بصمات واضحة في تاريخ تقلدهن لمناصبهن.

رئيسة البرازيل ديلما روسيف، زعيمة المعارضة في بورما أونغ سان سوتشي، الناشطة اليمنية والحاصلة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، رئيسة وزراء بنغلادش شيخة حسينة واجد، رئيسة وزراء نيوزلاندا المنتخبة شعبياً هيلين كلارك، المستشارة الألمانية انجلا ميركل ، وزير خارجية أمريكا هيلاري كلينتون، وزيره خارجية أمريكا السابقة كونداليزا رايز، نائبة رئيس الصين ووزيرة الصحة وقائدة فى الحزب الشيوعي الصيني يو يي، مديرة شركة بيبسيكو كبرى الشركات العالمية أندرا نويي، رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي، هذا بالاضافة إلى؛ ملكة مصر كيليوباترا، كريستينا التي حكمت إمبراطورية روسيا مدة 34 عام.

وعدا عن اتفاقنا أو اختلافنا مع سياستهن أثناء توليهن مناصبهن إلا أن أحداً لا ينكر مجاراتهن للرجال في الحكم وإثبات وجودهن، وهو ما ينفي مقولتي أن المناصب السيادية والسياسية كرست للرجال، وأن علم السياسة وحكم الدول هو علم ذكوري.

فهل آن أوان التغيير الجذري في فكر المجتمع، والخروج إلى المناداة بتكريس أدوار المرأة في قضايا السياسة العليا؛ والإيمان بقدرتهن على قيادة الدول نحو التقدم والتنمية.

وليس المطلوب هنا تخصيص وزارة لشؤون المرأة كما في حكومة فايز الطراونة السابقة لنظهر بصورة تقدمية؛ فهذا ما هو إلا تأكيد على قصور نظرة المجتمع للمرأة، فهي ليست بحاجة إلى وزارة تدافع عن حقوقها، بل هي بحاجة إلى تسلم وزارات تدافع بها عن أمن وسلامة المجتمع؛ وبالتالي المطلوب هو المساهمة في تغيير آلية تفكير المجتمع بالنظر للمرأة بأنها فرد في المجتمع تستطيع قيادة دول بأسرها، وتحقيق السلام.

من هنا أطالب بتعيين المرأة في المناصب السياسية الحساسة؛ كوزارة الداخلية أو الخارجية أو العدل أو المالية بل أطالب بتعيينها رئيسة للوزراء أو مديرة للمخابرات، أو مديرة للأمن العام ورئيسة للديوان الملكي.

في النهاية ورغم أهمية وجود المرأة في المناصب السياسية والحساسة منها؛ إلا أن الأهم في الوقت الحالي هو منحها الولاية العامة لتمكينها من إثبات قدرتها على النجاح وتحقيق التنمية.

أضف تعليقك