"اللبننة" في تشكيل الحكومة

"اللبننة" في تشكيل الحكومة
الرابط المختصر

يبدو أن النموذج اللبناني في تشكيل الحكومات يطرح نفسه بقوة على الحالة الأردنية؛ فبعد المشاورات التي أجراها رئيس الديوان الملكي د. فايز الطراونة، على مدى شهر، والتي استقرت على عودة الرئيس الحالي (المكلف) د. عبدالله النسور، فإن قصة المشاورات تتكرر مع النسور، إذ إنه لما يقرب الشهر يتشاور مع النواب والنقابات والأحزاب وقوى المجتمع المدني، بدون نتائج تذكر.رغم هذا كله، لا يلوح في الأفق متى سيتم الإعلان عن تشكيلة الحكومة.

وتتضارب تصريحات الرئيس المكلف تقريبا في كل لقاء من لقاءاته مع هذا  الطرف أو ذاك، ما يؤكد أن فكرة الطاقم الوزاري لم تختمر في ذهن الرئيس، على الرغم من إشارات ينثرها هنا أو هناك عن النية في عودة عدد من الوزراء الحاليين إلى الوزارة الجديدة.

هذه السياسة المترددة في حسم تشكيل الوزارة، أدت إلى حالة من الجذب والشد السياسي في المجتمع. ونتائج هذا التأخير ستكون غير إيجابية، خصوصا أن الفرصة التي منحت للرئيس طويلة، لم نعهد مثلها في الحالة الأردنية.

وقد تكون هنالك مبررات للتأخير والمشاورات في الحالة اللبنانية، وذلك لطبيعة المحاصصة الطائفية والصراع السياسي الدائر هناك، أما ما يخص الحالة الأردنية فإن الوضع مختلف تماما؛ فلا توجد طوائف تتصارع، ولا توجد مراكز قوى محلية تؤخر تشكيل الحكومة.

وعلى الرغم من أن خطاب المحاصصة السياسية بدأ يطرح نفسه، وبقوة، نتيجة للمشاورات التي يجريها الرئيس النسور مع بعض الكتل النيايبة، إلا أن هذا السلوك السياسي الجديد على الحالة الأردنية لا يعني، بأي حال من الأحوال، بقاء الوضع في حالة من المراوحة في المشاورات، خصوصا أن مجلس النواب، وعبر عدد من أعضائه، قد لمح إلى عدم النية لإعطاء الثقة للرئيس المكلف، ما دفع الرئيس إلى الخروج بتلميحات غير مسبوقة في نسق الحكومات؛ إذ ألمح أمام النواب عن رغبته في توزير النواب من خلال تعديل حكومي يجريه بعد أشهر من تشكيل حكومته الثانية.

وهذه التلميحات كانت خلال جولته الثانية في المشاورات مع مجلس النواب حول شكل حكومته المقبلة.

وبحسب ما قاله الناطق الإعلامي باسم كتلة الوفاق، فقد أشار الرئيس إلى أنه يرغب في تشكيل حكومة "رشيقة" في المرحلة الحالية، على أن يدخل النواب في حكومته عبر تعديل يجريه لاحقاً.

وأرجع النسور موقفه هذا إلى عدم معرفته بالنواب؛ على أن يشرك النواب في الوزارة بشكل تدريجي، لئلا تفشل التجربة!

هذا التعاطي مع مستقبل الحكومة، وضع البلد والناس في حالة من الترقب المشوب بالحذر؛ فحجم المشاورات التي تمت، وبروز نسق جديد من خطاب المحاصصة، يعني أننا في مأزق حقيقي وضعت الحكومة نفسها فيه.

ونتيجة لذلك، نجد التضارب في الآراء، وكذلك التصريحات، وسيادة عدم الثقة في شكل ونوعية الحكومة المقبلة، ما يعني عودتنا إلى المربع الأول في قصة تشكيل الحكومات ذاتها.

الغد

أضف تعليقك